التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الأديب أحمد الخوص

أحمد الخوص

 الأديب و الأستاذ المكافح أحمد الخوص،
مواليد1941 في مدينة الزبداني ، توفي في 2013 عن عمر ناهز ال72 عام
ذلك الرجل الذي يفاخر بتعلمه بطريقة حرة، وبتشجيع من أساتذته، وأولهم مدحت عكاش لينتقل من الحياة العادية، وأعمال المياومة إلى
العلم والدراسة،



فتابع بنشاط واندفاع حتى حاز الإجازة في اللغة العربية، ولكن طموحه الذي لم يكن يعرف حدوداً دفعه إلى التصنيف والتأليف، وكان صاحب بصمة خاصة .
وبقي حتى أخريات أيامه يشعر الغصة والظلم، وهو على حق فيما كان يشعر به من الأساتذة المتخصصين الذين ظلموه وظلموا جهوده ومصنفاته، ومهما حصل الخوص في حياته، فإنه عاش كفافاً، ومات صامتاً دون أن يودع حتى أولئك الذين أحبوه وأحبهم ، أحمد الخوص عاش غريباً ورحل غريباً .
بدأت حكاية الخوص رحمه الله في التصنيف مع كتابه (قصة الإعراب)، والذي كان يقدم من إذاعة دمشق وبصوت رياض نحاس وكوكبة من الفنانين المخضرمين، ولأن الخوص لا يريد أن يقدم دروساً جافة في اللغة العربية فقد ارتأى أن تكون الدروس حوارية عن طريق الأسئلة والإجابات بين الطلبة والأستاذ، فبدل أن يقدم الأمثلة والقاعدة اعتمد التفاعلية بين الأستاذ والطالب، وقد وجدت هذه الطريقة استجابة جيدة ما دفعه إلى اختياره أسلوباً للتصنيف في القواعد والنحو والإعراب، فجاء كتابه الكبير قصة الإعراب في أجزاء عديدة لم يترك جزئية من القواعد إلا جاء بها وعليها، وبالطريقة الحوارية التفاعلية.. راقت هذه الطريقة لكثيرين، وكثيرون من جانب آخر لم ترق لهم، وخاصة من المتخصصين، الذين تناولوا هذه الكتب، وتصيدوا عثرات المؤلف، ومن الطبيعي أن تحفل المصنفات بالمآخذ، ولكن كان هناك تجنياً على الراحل الخوص من عدد ممن قرؤوا هذه الكتب وأفادوا منها ، ولكن الخوص لم يكترث، وتابع تصنيف قصته، وطبعها مرات عديدة، وكان في المعارض والمناسبات يأخذ ركناً بين الأجنحة ليوزع هذه الكتب.
من القصة إلى القصص
حين وجد الخوص قبولاً من الطلبة والمتعلمين لكتابه قصة الإعراب، تتالت قصصه وبالأسلوب نفسه، فكانت قصة الإنشاء، وقصة البلاغة، وقصة البيان، وحاول في كل هذه الكتب أن يجمع القواعد والمعلومات ويقدمها بأسلوب سهل مبسط هو أقرب ما يكون إلى الطلبة والشداة، وأزعم أن عدداً لا بأس به من المتعلمين أفادوا في مراحل متعددة من هذه المؤلفات، وخاصة البلاغة والبيان، لبعدنا عن مصادر هذه المواد الأصيلة، وحاجتنا الماسة لها في الكتابة والدراسة، وبعض هذه الكتب ساعدت المدرسين في مراحل أولى من إتقان المادة وتقديمها للطلبة، وإن بخروج عن طريقة الحواريات التي جاءت بها القصص، ولا شك في أن هذه الكتب أسعفت الكثيرين في الوصول إلى المعلومة، وإن كان بعضهم استفاد منها، وأنكر أنه استفاد، بل انبرى لمهاجمتها، والنيل من شخص المؤلف، وبعبارات مزاجية دالة على الضغينة والحقد،
وقد قال احد النقاد فيه : " إن ما قدمه الخوص قد لا أوافق أسلوبه، لكن لا شيء يضر فيه، ولم يخرج عن أصول النحو، ولم يسعَ إلى التسهيل المخلّ، أما المآخذ والأغلاط، فلا ينجو منها أساطين التصنيف.."
إضافة إلى المعلومات التي تخدم المادة كان الأستاذ الخوص متذوقاً يسعى لرفع ذائقة الطالب، فتراه يختار دوماً النصوص الشعرية والنثرية ذات القيمة الإيجابية، والتي تنحو منحى تربوياً أصيلاً، يزرع في الطالب الأخلاق الحميدة، والمكارم التي عزّ وجودها في الكتب المصنفة حديثاً.
قصص للأطفال
لمس الخوص بعد تجربة كتبه التي حملت عنوان (قصة..) الفائدة التي يجنيها الشداة والطلبة في المرحلتين الإعدادية والثانوية، واستقرأ المكتبة اللغوية العربية للأطفال، فوجد أن شريحة الأطفال غير مستهدفة بالتعليم، بل إنها مهملة نوعاً ما في أدب الطفل، الذي إن وجد، فإنه غير مرغب، وكذلك وجد أن الحل السليم لتجاوز معضلة النحو وتعلمه يجب أن يبدأ من السنوات الأولى للتعليم، فعمد إلى التوجه إلى الأطفال بالتوازي مع مشروعه للكبار، فاستخلص من قصصه: قصة الإعراب للأطفال، وقصة الإملاء للأطفال وهكذا، ولم يعمد إلى تقسيم قصة الإعراب المعروفة، وإنما لجأ إلى أسلوب سهل يناسب الأطفال، فاختار من قصته ما يحتاجه الطفل من معلومات لغوية ونحوية، وعمد إلى التلوين والتشويق، كما في كتب الأطفال عالية المستوى، فكانت الرسوم الملونة التوضيحية، وجاءت الكتب ملونة الحروف، دون أن يعبأ بما يجره ذلك عليه من تكاليف عالية، استعان عليها ببعض الفضلاء الذين ساندوا مشروعه، ابتداء ممن شاركه في صنع الكتاب فنياً، وانتهاء بمن حمل عبء الطباعة أو الجزء الأكبر منه.. وللحقيقة فإن قصص الإعراب وأخواتها للأطفال يمكن أن تكون مقررة ومساعدة في مراحل الرياض والمرحلة الابتدائية، لما فيها من سهولة في المعلومة، وتشويق في الأسلوب، وأصالة في المعلومة التي لم تخرج عن القواعد الأساسية للنحو العربي، وحتى أيامه الأخيرة كان الخوص يشكو من عدم الاستجابة لهذه الكتب من المؤسسات العلمية التي أشاحت الوجه عن تجربة مهمة، ولم تعمل على الإفادة منها وتطويرها.
كتب الوفاء
لأحمد الخوص كتب عدة عن الرجالات وجهودهم، فقد كتب عن الشيخ مصطفى الغلاييني، وأعد كتاباً بسيطاً عن نزار قباني مع رحيله، وكتب لأستاذه مدحة عكاش كتاباً ينضح بالعرفان والوفاء، وبقي الخوص مع أستاذه وفياً ومعترفاً حتى وفاته، وهذه صفات قلما نجدها لدى الأدباء في زماننا، وجمع في هذه الكتب دراسات ومقالات وشهادات يمكن أن تضيع في ثنايا الأوراق لولا الجهد الذي قام به الخوص تجاه الأعلام بلفتة وفاء نادرة، وجلّ هذه الكتب تنتفي فيها المنفعة الشخصية، فالغلاييني انتهى منذ زمن، ونزار يكتب عنه الكثيرون، ومدحة عكاش كان قد دخل مرحلة الغياب، لكن الخوص قدّم الشكر لصاحب (جامع الدروس العربية) واعترف بفضل نزار في الأدب والانتماء لدمشق والعشق، وقدّم كذلك الشكر للأستاذ الذي رعاه وساعده في التعلم، ولم يشأ أن يغادر الأستاذ دون أن يكحل عينيه برؤية الوفاء، وهذا مما يسهم بدوام المعروف بين الناس.
رحل أحمد الخوص ، الذي نزل مع ندف الثلج من الزبداني إلى دمشق، ليقضي حياته متعلماً وباحثاً، ومحاولاً تأكيد حضوره، معلناً حبه للغته وأمته ووطنه، رحل بعد أن جرّب من الحياة كل شيء إلا المتعة والفرح، اللهم إلا إذا استثنينا لحظة ولادة كتاب من كتبه، أو ظهور مقالة له في صحيفة من الصحف.. لم يكن الفرح من مهن الأستاذ الخوص في حياته، أعطى كل شيء في حياته، وساعده على أداء مهمته السيدة هناء برهاني التي صار اسمها رفيق اسمه في مؤلفاته الأخيرة.. رحل مخلفاً تراثاً- إن اتفقنا معه أو اختلفنا- غنياً يستحق الدراسة والتكريم، فهل ننصف أحمد الخوص الحرف والقلم بعد أن ضاع إنساناً؟! كان في حياته متعباً، يحمل على كتفيه ما ينوء تحته، فهل نخفف العبء عنه ؟
ترك لنا الخوص مكتبة كاملة من قصصه في اللغة العربية بأجزائها المتعددة، والتي أصبحت منارة لمساعدة الصغار والكبار على تعلم اللغة العربية، ولم ينس الخوص أن يخلد صديق عمره الذي ساعده وقدم له النصح والمعونة في أعماله خصوصاً في بداية انطلاقته صاحب جريدة الثقافة الأستاذ الراحل مدحت عكاش، حيث كرمه الخوص في كتاب وثق فيه حياة صديقه ومعلمه الراحل والأديب الكبير مدحت عكاش.
وقالت وكالة الأنباء السورية سانا:
" استطاع ابن الزبداني المولود فيها عام 1941 أن يحقق وجوده الخاص في الساحة النحوية حيث باتت كتبه مرجعاً دراسياً هاماً وطبعت في أكثر من بلد عربي وربما كان لضعفه في اللغة العربية حين كان طالباً وتأثره بمدرسه الراحل مدحة عكاشة أبلغ الأثر في توجهه الإبداعي الذي يربط بين الدلالة التركيبية للغة وبين استخدامها في الأوساط الثقافية فكان أن بدأ مشروعه في قصة الإعراب وتابع مشروعه المتمسك باللغة العربية باعتبارها منهلاً لا ينضب على الصعيد النحوي والدلالي."
وذكرت «الوطن» أن جهد أحمد الخوص قد قُدر من عدد من الجهات والهيئات داخل سورية وخارجها، وتقدم إلى جائزة خليفة التربوية لعام 2008، وقد زكّاه اتحاد الكتاب العرب بعد أن كان قد شكا في آخر لقاء معه في قناة الدنيا من أنه لم يقبل عضواً في الاتحاد، لكن وبإلحاح لا يهدأ في الحصول على ما يريد صار عضواً في الاتحاد وكذلك حظي بتزكية من شيخ أساتذة الشام في النحو الدكتور مازن المبارك، وقد شهد له بما قدمه في ميدان التربية وتبسيط النحو.
وفي الزبداني كرمته بلدته حيث منح درعاً تكريمياً ضمن الفعاليات الثقافية لمهرجان «سوار الشام الخامس» تقديراً لمسيرته في البحث اللغوي والتأليف والنشر.
مؤلفاته :
- أصدر كتابه (الغلاييني نحوي العصر) وهو من أفضل دراساته، ومن أفضل ما كتب عن علامة النحو الشيخ مصطفى الغلاييني صاحب (جامع الدروس العربية)..
- قصة الإملاء وقصة البلاغة وقصة العروض..
- سلسلة قصة الإعراب للكبار في ستة أجزاءٍ، وسلسلة قصة الإعراب للأطفال واليافعين في ثلاثة عشر جزءاً، وقصة الإنشاء، و نزار قباني .
......
المصادر :
صحيفة الوطن ، وكالة سانا ، اكتشف سوريا ، مهرجان سوار الشام ، اسماعيل مروة 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الزبداني في العهد العثماني "1"

استولى العثمانيون على بلاد الشام بقيادة السلطان سليم الأول عام (1516م) الموافق (922هـ) بعد معركة مرج دابق شمال حلب، وأتبعت الزبداني وأعمالها إلى والي دمشق.