الباحث محمد أحمد دهمان الدمشقي

الباحث محمد أحمد دهمان من اجلّ علماء دمشق , بذل من ذات نفسه مابذل, وضحى ماشاء أن يضحي لينير طريق المعرفة الصحيحة, 

ويكشف عن تراث العربية الأصيل, قد نذر نفسه للعمل الجاد النافع, دأب عليه في
صمت وتواضع عرف بهما, وعزف عن البهرج الزائف والمظاهر الخداعة, فلم يتطلع الى شهرة, ولم تستهوه المناصب والالقاب, على حد تعبير الاستاذ شاكر الفحام.‏ 

ولد بدمشق عام 1899- 1988في حي اسمه الشطي يقع بين العمارة وباب السلام, وكان والده من رجال الدين والتربية والتعليم. درس في مدارس دمشق ثم انتسب الى حلقة الاستاذ عبد القادربدران, مختصر تاريخ ابن عساكر, وكان متحررا نير الفكر بعيدا عن التزمت, مما اتاح له التعمق في دراسة العلوم العصرية.‏ 

وبعد خروج تركيا من بلاد الشام ,كان بإمكانه أن يعين في وظيفة مرموقة, لأن دولة جديدة قد أعلنت وهي بحاجة الى مئات الموظفين لإدارة المرافق العامة, الا انه فضل ان يعمل مدرسا, فزاول هذه المهنة حتى سن الخامسة والثلاثين.‏ 

وفي سن الاربعين انتقل الى بلدة (الزبداني) وعاش في عزلة سعيدة لمدة /51/ سنة, اتاحت له تحقيق عدة مخطوطات نفيسة, فضلا عن كتابة عشرات الدراسات التاريخية المطولة.‏ 

ومن أمتع الكتب التراثية التي حققها كتاب (أنباء الغمر بأنباء العمر) لمؤلفه ابن حجر العسقلاني , حيث توثقت الصلات بينه وبين الكتاب, حينما طلبت منه جمعية (احياء الكتب العربية) بدمشق تحقيق هذا الكتاب, فشرح في استنساخه من مخطوطة باريس, ثم اطلع على النسخة الثانية المخطوطة من هذا الكتاب في مكتبة الأزهر, واخيرا زار تركيا فاطلع هناك على نسخة مخطوطة من (انباء الغمر) فصورها واحضرها الى دمشق, وراح يحقق هذا الكتاب مستعينا بالمخطوطات الثلاث, الى ان صدر المجلد الاول منه عام 1979.‏ 

لقد سجل المؤلف ابن حجر العسقلاني في كتابه الذي اشرنا اليه, الحوادث التي وقعت منذ ولادته عام /733ه/ الى ماقبل وفاته بسنتين, فبلغ عدد السنوات التي سجل حوادثها وترجم لوفياتها /79/ سنة. ومن اطرف ماورد في هذا الكتاب ماذكره عن الملك (الظاهر برقوق) الذي اقام في القاهرة دعوة غداء قدم فيها عشرين الف رطل لحم, والف طير دجاج, ومائتي زوج أوز, وذكر المؤلف اصنافا كثيرة.. من ذلك اتى بعشرة قناطير من الحشيش فطحنت وخلطت بالطحين, وعجنت وخبزت, وقدمت للشعب فتخاطفها , دون ان يعي حقيقة ماقدم اليه.‏
..
منتدى اهل الحديث عام 2008