ذكر اليونيني في تأريخه :
هبة الله بن محمد بن هبة الله بن علي بن جرير أبو محمد نفيس الدين الحارثي الشافعي قاضي الزبداني.
هبة الله بن محمد بن هبة الله بن علي بن جرير أبو محمد نفيس الدين الحارثي الشافعي قاضي الزبداني.
كان صدراً، رئيساً، عالماً، فاضلاً، كثير الكرم، واسع الصدر، دمث الأخلاق، له وجاهة عند الخاص والعام، وحرمة وافرة عند أرباب الدول.....
وكان يختار الزبداني لكونها وطنه، وله بها ملك يعود نفعه إليه.
ولما توفى القاضي صدر الدين عبد الرحيم قاضي بعلبك رحمه الله عرضت عليه بعلبك ويترك الزبداني فأبى وامتنع،
وبالجملة فكان من حسنات الزمان مع وفور الديانة والتقوى، وتوفى ليلة الخميس تاسع صفر بدمشق فجاءة، ودفن يوم الخميس بسفح قاسيون، وقد نيف على سبعين سنة رحمه الله تعالى.
حكى عنه ما معناه أنه احتاج إلى ثمان مائة درهم في أوائل فصل الشتاء، وكان له بالزبداني بستان، عادته أن يبيع ثمره في السنة بمبلغ ألف درهم أو ما يقاربها، فطلب بعض أهل الزبداني، وقال له: قد احتجت إلى ثمان مائة درهم تعطيني إياها، وهذا البستان ثمرته في هذه السنة لك، فأعطاه المبلغ؛
واتفق أن بساتين الزبداني ضعفت في تلك السنة سوى أماكن يسيرة من جملتها ذلك البستان، فلما أدرك مغله، حرص من دفع ثمرته ثلاثة آلاف درهم،
فقال القاضي: ثمرته لفلان، وأما الشخص فإنه يئس منه لعلمه بفساد البيع، وأن ما قاله القاضي له لا يلزمه الوفاء به، وقنع بعود الدراهم إليه فحضر إلى القاضي وخاطبه في ذلك،
فقال: البستان ثمرته لك كما وعدتك، بل لو صقع أعدت إليه دراهيمك فحرض به كل الحرض على أن يعطيه الدراهم ويتصرف في البستان، فأبى ذلك،
فأباع ذلك البستان بما ينيف عن ثلاثة آلاف درهم وأخذها.
فانظر إلى هذه النفس الشريفة واحتقارها للدنيا فرحمه الله ورضى عنه. ولقد أذكر في ذلك شيئاً وقع وهو أن بعض من ولى القضاء ببعلبك طلب خبازاً في فرن المدرسة النورية بها، وقال له: قد أستحق لي جراية شهر تشتريها وتقبضها من القلعة وفاصلها عليها بمبلغ ثلاثين درهماً، وقبضها منه، وطلع الخباز إلى القلعة وتسلمها، فوجدها رديئة لا توافقها فباعها في العرضة بثلاثة وثلاثين درهماً، وبلغ القاضي فطلبه وقال له: البيع لم يصح، فإني ما رأيت القمح؛ وأخذ منه الثلاثة الدراهم، فانظر إلى ما بين الرجلين رحمهما الله تعالى وإيانا وجميع المسلمين.
توفي القاضي هبة الله سنة 680 للهجرة
وذكر الذهبي أيضاً :
وكان دينا خيرا. وسمع ((مسند عبد))، من ابن اللتي. سمع منه: المزي، والبرزالي، والطلبة. ومات فجأة بدمشق ودفن بقاسيون في تاسع صفر وله ثلاث وسبعون سنة. لنا منه إجازة. وكان يدري الرمل، ويعالج بعض الأعيان.
وقال الحافظ ضياء المقدسي :
وسمعتُ أبا الفِتيان علي بن هبة الله الزَّبداني بعد سؤالي له : كيف رجع والدك عن مذهب الشيعة، فإنّ أقاربك على مذهبهم ؟ أو نحو هذا، فقال : كان لأبي صديق منهم فسافر، وإذا هو بعد أيام قد رجع في تجارةٍ مريضاً، فمات، فقال لرجل : تُغَسِّلهُ؟ فنظر إليه المُغَسِّل فإذا خِلقَتُه قد تحوّلت خِلقَةً قبيحةً، فأُعلِمَ أبي بذلك، فنظر إليه، وقال : لا تغسله . وأمر بدفنه ورجع عن مذهبهم .
هذا معنى ما حكاه لي . وقد سمعتُ الإمام أبا محمد عبد الحميد بن عبد الهادي - وهو الذي كان سبب معرفتي بأبي الفِتيان - يقول : حدّثني والدي عن هِبة الله الزبداني بهذه الحكاية، بنحوٍ من هذا .
هذا معنى ما حكاه لي . وقد سمعتُ الإمام أبا محمد عبد الحميد بن عبد الهادي - وهو الذي كان سبب معرفتي بأبي الفِتيان - يقول : حدّثني والدي عن هِبة الله الزبداني بهذه الحكاية، بنحوٍ من هذا .
المصادر ::
ذيل مرآة الزمان لليونيني
تاريخ الإسلام للذهبي الجزء الخمسون الصفحة 376
الحافظ الضياء المقدسي (ت 643هـ) في كتابه "النهي عن سبّ الأصحاب" (ص 90 / ط . مؤسسة الرسالة)
......
الحافظ الضياء المقدسي (ت 643هـ) في كتابه "النهي عن سبّ الأصحاب" (ص 90 / ط . مؤسسة الرسالة)
......
بحث و إعداد :
باحث زبداني
تعليقات
إرسال تعليق