في الستينيات من القرن الماضي اكتشف في جبل يونان قرب مدينة بلودان بمحافظة ريف دمشق تمثال ثور برونزي يعود للقرن الأول الميلادي على قاعدة نقشت عليها كتابة إغريقية تشير الى أنه مقدم من محارب قديم يدعى تامانايوس إلى أوريون.
وقال محمود حمود رئيس دائرة آثار ريف دمشق إنه بحسب النقوش الأثرية فإن أوريون هو شخصية أسطورية لصياد إغريقي تعددت الروايات حول أصله إحداها تقول ان فلاحاً استضاف الالهة زيوس وبوزيدون وهرمس فانعموا عليه بهذا الابن وتقول اخرى انه ابن الاله بوزيدون وبسبب اصله الاسطوري تمتع بجمال وقوة خارقين وكانت له مهارات فائقة في صيد الوحوش واعطي القدرة على السير فوق الماء وقد صورته الرسوم القديمة يرتدي رداء قصيرا ويحمل في يده رمحا خشبيا للصيد.
وأضاف انه من القصص المرتبطة بأوريون أنه احب ابنة ملك إحدى الجزر وأغواها فانتقم منه والدها الملك بأن أفقده بصره وكان عليه لكي يستعيده أن يذهب إلى أقصى الشرق ويعرض نفسه لأشعة الشمس ففعل ذلك واسترد بصره وعاش صيادا بصحبة الآلهة ارتيميس وربما جاء من بلاد الاغريق الى جبال بلودان وتحديدا جبل يونان حيث توجد بقايا معبد يعود للعصر الروماني بقي مجهولا حتى عام 2009 عندما بدات اثار ريف دمشق بتنفيذ اعمال التنقيب في الموقع .
وأوضح رئيس دائرة آثار ريف دمشق أن جبل يونان الواقع إلى الشمال الشرقي من بلودان بحوالي 6 كيلو مترات على ارتفاع حوالي 2100 متر يطل على سهل الزبداني وسهل سرغايا ويتجاوز ذلك الى سهل البقاع اللبناني كما انه يتصل بصريا مع القمم المجاورة مثل قصر الخريبة وقصر الرام وقصر مضايا وهي مواقع تحصينية تشرف على مساحات واسعة من حولها لذلك كان من الطبيعي ان توجد على قمة الجبل منشات تحصينية ودينية قامت دائرة الاثار بدراستها للتعرف على تفاصيلها بشكل أكثر.
وعن تلك التفاصيل المتعلقة بالبقايا الأثرية المنتشرة على قمة جبل يونان يقول المهندس ابراهيم عميري رئيس بعثة التنقيب إن القمة الغربية لجبل يونان وبمحاذاة الجرفين الصخريين الشمالي والغربي تضم ثلاثة ابنية متهدمة وبدا العمل التنقيبي فيها.
وأشار عميري إلى أن العمل بدأ في الموسم الأول عام 2009 بإزالة الردميات عن المبنى الغربي والتنقيب في المساحات المتبقية وتم الكشف عن حدود المبنى الذي يعتقد أنه بقايا منصة ذات طبيعة دينية لتقديم الاضاحي او طبيعة تحصينية للمراقبة وإشعال النار أو أنها بقايا المعبد الذي يعود للعصر الروماني أبعادها من الشرق للغرب حوالي 5ر17 مترا والى الجنوب منها باحات أو مكتبات تمتد للجنوب بحوالي 12 مترا على الأقل.
وبين رئيس بعثة التنقيب أن العمل امتد إلى المساحات المحيطة بالمبنى الوسطي ولكن بشكل جزئي إذ ان أنقاض المبنى الضخمة المتراكمة لا تسمح بالعمل فيها لذلك تم اللجوء إلى الاقتراب التدريجي من هذه الانقاض من عدة جهات ليتم تحريرها تدريجيا والوصول الى مخطط المبنى ووظيفته وقد استمرت الاعمال في الموسم الثاني وتم تحديد مبنى ابعاده حوالي 20 مترا من الشمال للجنوب وحوالي 18 مترا من الشرق للغرب ولايمكن حاليا معرفة وظيفته وربما كان في طور البناء وقد يكون معبدا آخر أو حصنا عسكرياً.
ولفت عميري إلى أن التنقيب في المبنى الثالث الشرقي سيبدأ في المستقبل القريب حيث انه الأكثر حداثة ويعود للعصر البيزنطي وعلى الأغلب استخدمت حجارة المبنيين السابقين لبنائه واستخدامه كدير مسيحي حسب بعض اللقى المكتشفة في الموقع وهي لقى هامة جدا ومنها مجموعة من النقود البرونزية يعود معظمها للقرنين الرابع والخامس الميلاديين وعشرات رؤوس الأسهم والحراب الحديدية والبرونزية التي تعود لفترات طويلة ممتدة من أواخر العصر الحديدي وحتى العصر البيزنطي ما يدل على حدوث معارك متعددة في المنطقة اضافة الى كميات كبيرة من المسامير وبعض اللقى المعدنية الأخرى.
ويعود الموقع لأملاك الدولة وتم مؤخرا تخصيص جزء من جبل يونان لبطركية الروم الأرثوذكس بناء على رغبتها بإحياء وتأهيل موقع الدير من خلال بناء كنيسة حديثة وبعض المنشات الخدمية قرب الموقع الاثري وعن هذا المشروع يقول خليل منصور احد اعضاء لجنة وقف دير يونان انه سيتم بناء كنيسة ودير وبعض الخدمات بشكل ينسجم مع طبيعة واهمية الموقع الاثري وبتعاون كامل مع مديرية الاثار التي تشرف على المشروع منذ بدايته حتى تعود الحياة الى الجبل ويستطيع الناس الوصول الى الموقع بسهولة.
وأضاف إنه تم الانتهاء حتى الآن من بناء قسم من السور الذي يؤمن إطلالة جميلة جداً على سهول وجبال المنطقة إضافة إلى شق الطريق الذي سهل الوصول إلى الموقع موضحا أن الأعمال ستتابع في المستقبل حسب الامكانات المادية التي يتم تامينها من خلال التبرعات.
زياد خلوف
المصدر: سانا
www.aljaml.com
تعليقات
إرسال تعليق