التخطي إلى المحتوى الرئيسي

التكوين المجتمعي للزبداني - مغالطات تاريخية و تفنيد لحديث الدكتور كمال اللبواني

  في إطار فهم التكوين المجتمعي و البعد التاريخي للصراعات التي يعيشها المجتمع السوري في الوقت الراهن قام الدكتور كمال اللبواني مؤخراً بإطلاق فيديو على قناته على اليوتيوب بعنوان "ما الفرق بين التل و الزبداني" حيث أراد الدكتور كمال اللبواني و كونه ابن مدينة الزبداني, تحليل النسيج الاجتماعي لمدينتي التل و الزبداني كصورة مصغرة عن التركيبة المجتمعية السورية بشكل عام, و على الرغم من أهمية الموضوع, إلا أن محتوى الفيديو حمل الكثير من المغالطات التاريخية  و الأحداث التي لا تستند في صحتها على أساس تاريخي موثق, فتحول المحتوى من استقراء تاريخي يربط مختلف الجزئيات و الأحداث للوصول لحقيقة تاريخية, إلى مجموعة تصورات تاريخية تخدم نتيجة مجهزة مسبقاً. سأقوم بتفنيد أهم الأفكار و المغالطات التاريخية التي مرت في الفيديو في سلسلة مقالات بهدف الوقوف على الحقائق التاريخية كما روتها كتب التاريخ, و قد اعتمدت في هذا البحث على الرجوع الى عدة مصادر تاريخية قمت بسردها ضمن سياق المقال.


بدايةً, يقول الدكتور كمال اللبواني بأنه لا يوجد بنية اقتصادية اجتماعية لمدينتي التل و الزبداني  معللاً ذلك بأنه لايوجد استمرار تاريخي طويل أدى إلى تطور هذه البنية حيث ذكر في بداية حديثه أن مدينة التل تأسست بعد أن كان يلجئ اليها الخارجون عن القانون و المطلوبين و أن مدينة الزبداني مثلها, ولكن ما مدى صحة هذا الكلام فيما يتعلق بالإمتداد التاريخي للبنية الإجتماعية لمدينة الزبداني؟ ثم ذكر الدكتور كمال بأن الزبداني تاريخياً هي قرية مسيحية درزية مثلها مثل كل المناطق المحيطة بها,و أن العوائل المسيحية لم تدخل في الإسلام قط و إنما دخل الإسلام إليها مع دخول العثمانيين, حيث بدؤوا بجلب أتباعهم من المسلمين للسيطرة على الزبداني و قاموا بتسلميهم مصير الزبداني. فهل كانت الزبداني قرية درزية فعلا ؟ و هل كانت المنطقة المحيطة بالزبداني درزية في الأساس؟

  

هل الزبداني قرية مسيحية درزية بالفعل؟ 

في الحقيقة لا يوجد أي إثبات تاريخي بأن الزبداني كانت  قرية درزية قبل دخول العثمانيين, و أن أهلها المسيحيون لم يعتنق أي قسم منهم الإسلام, بل على العكس تشير كتب التاريخ إلى دخول الإسلام اليها منذ عصر الفتوحات الإسلامية عن طريق الجيش المتوجه من دمشق الى بعلبك بقيادة الصحابي الجليل خالد ابن الوليد, و قد ذكر ذلك المؤرخ كمال المويل في كتابه عن تاريخ الزبداني نقلا عن أوراق كتبها  الخوري الياس داوود,وهو خوري الطائفة المسيحية في الزبداني:  

((وكان الفتح العربي فدخل بعض سكان الزبداني في الإسلام سنة (640م) وبقي البعض على المسيحية إلى اليوم، وازدهرت الزبداني ودمشق في عهد الأمويين، وفي الزبداني عاش المسيحي والمسلم كلاهما جنبا إلى جنب لا يُفرِّقهم دين ولا تُميِّزهم عقيدة لأنّ المسلم والمسيحي يعبدون الإله نفسه وليس آخر، وهو الخالق العظيم وهو إله واحد لا شريك له. وكان في الزبداني كنيسة باسم القديس يوحنا حُوِّلت إلى جامع وجُدِّدت)), فإذاً, دخل الإسلام الى الزبداني قبل سيطرة العثمانيين على بلاد الشام, بل إنه قديم فيها قدمه في دمشق, ودخلت بعض العوائل المسيحية في الإسلام  منذ عصر الفتوحات الإسلامية. كما تشير كل الأدلة التاريخية إلى أن سكان الزبداني و ماحولها كانوا من المسلمين السنة منذ الفتح الإسلامي إلى يومنا هذا, إلا في فترة معينة حيث كانت سرغايا فقط قرية شيعية في القرن التاسع عشر عندما مر بها المؤرخ اللبناني  عيسى اسكندر المعلوف وذكر أنه يقطن في سرغايا عائلات شيعية تعدادهم 200 نفر, و كذلك كان عدد سكان الزبداني 3000 نسمة نصفهم مسلمون سنة و نصفهم مسيحيون.


أما بالنسبة للدروز فقد حكموا الزبداني ضمن حكمهم لقضاء بعلبك لفترة من الزمن لا تتعدى الثلاثين عاماً حين سيطر الشهابيون على حكم الحرافشة عام 1622م عندما احتدم الصراع على حكم بعلبك والبقاع بين والي دمشق و والي لبنان الكبير الدرزي المعني, و لكن لم يستقر أحد من الشهابيين في الزبداني , و كان يحكم الزبداني في حينها آل التل و هم في الأساس عرب أقحاح كانوا أشراف الشام لفترة طويلة و تفرقت قبيلتهم المسماة بـ"الزيدية" لأسباب كثيرة, فتبعثر أبناؤها بين سوريا و الأردن, و اعتمد عليهم العثمانيون و من بعدهم الحرافشة في إدارة شؤون الزبداني و تحصيل الخراج من أهلها لفترة طويلة من الزمن,إلا أن وجودهم في الزبداني سبق الوجود التركي, و كانوا من سكان قرية كفر عامر قبل أن ينتقلوا إلى الزبداني خلال الزلزال الشهير عام 1759 م. 

لم تذكر كتب التاريخ أي علم من أعلام ومشايخ طائفة الدروز الموحدين ولد أو عاش أو توفي في مدينة الزبداني, لا خلال العهد العثماني, و لا حتى قبل ذلك, إلا أن مقام النبي هابيل على أطراف الزبداني يعتبر من أهم مزارات الدروز الموحدين حيث تعتبر زيارته كفريضة حج يقوم بها شيوخ الطائفة, و لكن مدفن النبي هابيل مكان معروف عبر التاريخ الإسلامي, و قد ذكره ابن عساكر في تاريخ دمشق, ولم يأت على ذكر الدروز, و لا بد أنه تحول الى مزار للطائفة الدرزية خلال فترة من فترات الصراع حينما كان حكم المنطقة متذبذب بين ولاة الشام و ولاة لبنان الكبير. كما ذُكر أيضا أن الدروز هاجموا قرية البترونة قرب الزبداني و أحرقوها وقتلوا من أهلها حتى لجئ من نجا منهم الى الزبداني, و كان ذلك في عام 1161م.  

يتبع… 




إذا لم تكن الزبداني درزية,فما طبيعة التواجد الإسلامي في الزبداني قبل دخول العثمانيين؟ 

و هل أسس العثمانيون مسجد الزبداني (الجسر)؟ 


بعد أن بينا أقدمية التواجد الاسلامي في الزبداني و ما تبعها,فمن المهم أن الزبداني ازدهرت في العصر الأموي حيث شهدت مختلف نواحي الشام طفرة عمرانية بعد اعتماد دمشق كعاصمة للخلافة الاموية و توجه العديد من الخلفاء الى بناء القصور و اعمار المدن و النواحي لتواكب بذلك ازدها حركة التجارة وخاصة في المناطق الواقعة على طرق تاريخية و من ضمنها كانت الزبداني, وهذا ماذكره كلاً من المؤرخ محمد خالد رمضان و المؤرخ كمال المويل, و ذكر الأخير بأن الصحابيان عبادة بن الصامت و سعيد بن العاص مرا بنواحي الزبداني كالديماس و وادي بردى, و كذلك دفن بها تابعين من اتباع الصحابة رضوان الله عليهم هما خالد بن معدان و مكحول الشامي و دفنا في منطقة سميت فيما بعد بالنبي عبدان نسبة لهما على اساس ان اصل التسمية كانت "للنبي عبدان".

 

فيما بعد, كانت الزبداني عبر التاريخ منبع للكثير من العلماء السنة, الشافعية منهم و الحنابلة و كان فيها مدرسة مهمة اسمها "مدرسة الزبداني " كما ورد ذكرها في البداية والنهاية لابن كثير الدمشقي، والوافي في الوفيات للصفدي، وشذرات الذهب لإبن العماد الحنبلي.و قد أسسها قاضي وعالم من علماء الزبداني عُرف بالعدل الزبداني وكان ذلك في العصرالأيوبي حوالي العام 1194م و استمرت بتدريس العلماء و درّس بها الكثير من أهم علماء الشام على التتابع, فكان أول من درّس الطلاب فيها العالم الدمشقي و شاعر العصر الأيوبي فتيان الشاغوري, كما استمر توالي العلماء على التدريس فيها حتى كان آخر من درّس بها العالم ابراهيم الغزّي, الذي توفي عام 1951م وبذلك تكون قد استمرت المدرسة لأكثر من 700 عام متتالية. 


 ومن أشهر علماء الزبداني في العصور الاسلامية التي سبقت حكم العثمانيين (المصدر الرئيسي كتاب تاريخ الزبداني للدكتور كمال المويل):

  • العدل الزبداني في العصر الأيوبي, و هو نجيب الدين عبد الله بن حيدرة، وهو من الزبداني، ونُسب إليها و كان يعمل في دمشق، وكان من كتبة الديوان عند صلاح الدين الأيوبي، وكانت علاقته بصلاح الدين علاقة قديمة كعلاقة الصاحب  والأخ، ذكر ذلك المؤرخ خليل بن أيبك الصفدي في كتابه (الوافي في  الوفيات).و العدل الزبداني هو مؤسس مسجد  الزبداني و مدرسة الزبداني. 

  • العالم  والمحدّث شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن أبي المعالي الزبداني توفي عام 1403م  

  • القاضي والفقيه والفرضي تقي الدين العامري نسبة إلى كفر عامر توفي 1415م 

  • مفتي الحنابلة بدمشق برهان الدين إبراهيم بن عمر من بلدة مضايا  توفي 1512م 

  • حسن بن إبراهيم الدسوقي: حسن بن إبراهيم، الشيخ الصالح ابن الشيخ المعتقد الماوردي الزبداني، المعروف بابن  الدسوقي توفي عام 1512م 

و من أشهر علماء الزبداني في بداية العهد العثماني:

  •  العالم و المحدث الفرضي ابن الأحدب الزبداني الذي توفي عام 1602 م في الصالحية بدمشق. 

  •  المحدِّث والمعمر الشهاب أحمد بن يونس العيثاوي نسبة إلى عيثا الفخار بالقرب من الزبداني توفي 1614 م. 


مسجد الزبداني / مسجد الجسر



هل كان مسجد الزيداني كنيسة قديمة؟ 

ذكر الدكتور كمال في حديثة أن جامع الزبداني و المعروف حالياً بمسجد الجسر كان كنيسة قبل العصر العثماني, و أن العثمانيون هم من قاموا بتحويلة الى كنيسة, و ساق إلى ذلك بعض الأدلة الغير موثقة, ولكن في الحقيقة أن مسجد الزبداني أقدم بكثير من وجود العثمانيين في بلاد الشام و قد بني بالفعل على انقاض كنيسة قديمة ولكن تم ذلك في العصر الأيوبي خلال فترة حكم صلاح الدين و قد بناه العدل الزبداني عام 590 للهجرة, و سمي بالجامع الكبير و بنى معه مدرسة الزبداني التي كانت تقابله على الضفة الاخرى من نهر الجسر لكنها اندثرت فيما بعد, وتحول الجامع نفسه إلى مسجد و مدرسة و تكلم عن ذلك ابن كثير الدمشقي في البداية و النهاية و ذكر ذلك خوري الزبداني الياس داوود في اوراقه.

أما عن مأذنة المسجد بأنها برج أجراس الكنيسة, فقد قرأت بحثا حديثا للأستاذ عبد اللطيف يوسف كان قد وزعه علينا عندما كنا طلاباً في مدرسة حسن يوسف بأن المأذنة ليس فيها أي اثر مسيحي و إنما استخدم في بناءها أحجار من أوابد أثرية تعود الى العهد اليوناني أو الروماني و قد شرح فيها أشكال النقوش المختلفة الموجودة على جدرانها و أنها نقوش وثنية غير مسيحية. 


وبذلك يبقى السؤال الأهم و الأخير, وهو هل فعلا حصل انقطاع في الاستمرار التاريخي للمجتمع الزبداني بعد زلزال 1759م و هل رحلت جميع العوائل عن الزبداني؟ و ما هي أقدم العوائل المسلمة في الزبداني؟؟ 

يتبع في المقال القادم ان شاء الله


 الجزء الثالث: 

ما صحة انقطاع الإستمرار التاريخي للعوائل الزبدانية؟ و تاريخ بعض العوائل الزبدانية. 


 أما حديث الدكتور عن عوائل الزبداني و انقطاع الإستمرار التاريخي للعوائل فيها بعد زلزال عام 1759م, و أن معظم العوائل القاطنة فيما بعد هي عوائل غير زبدانية, ففي ذلك أيضا شيئ كثير من عدم الصحة, ففي الحقيقة أن معظم العوائل التي ذكرها الدكتور خلال حديثة بالفيديو بالتحديد كانت موجودة قبل الزلزال الكبير, و استمرت إلى يومنا هذا, و منها آل التل و آل عواد و آل الغتمة وهم من أقدم عوائل الزبداني المسلمة و كانوا من سكان قرية كفر عامر جنباً الى جنب مع المسيحيين, و ذكرت في أسماء هذه العوائل وثيقة قديمة كتبت باللهجة الزبدانية عام 1450م توثق حدث اجتماعي تبارى فيه المسيحيون و المسلمون في كفر عامر أي قبل الزلزال بحوالي ثلاث مئة عام, و من ضمن ماذكر فيها حرفياً ( كبار الطوايف: مصطفى الغتمي، وحسين الأنصب، والخوري حناه الأبيض، والخوري مخايل الأطان، والشيخ صالح وقاسم الحيدري، ومعطي عواد الجودي، وسيف الموالي، وعيسى التل). و يعلق المؤرخ كمال المويل وهو في نظري أهم من أرخ لمدينة الزبداني : (أن هذه الوثيقة تؤكد امتداد الكثير من عوائل الزبداني لما قبل الزلزال, و أن معظم عوائل الزبداني الحالية أتت من كفر عامر واستقرت في الزبداني البلد بعد الزلزال الكبير, كما تعبر الوثيقة عن التعايش القائم في وقتها, و أن المسلمون وقتها كانوا من أتباع الطرق الصوفية ) فلم يكونوا دروزاً في حينها. و من العوائل المذكورة ال الطنطاوي و عواد و التل و الغتمة و يمكن قراءة النص كاملا في كتاب تاريخ الزبداني للدكتور كمال المويل و هذه الوثيقة موجودة عند السيد مصطفى رفاعي عواد.


آل التل: كما ذكرت في المقال السابق هم في الأساس عرب أقحاح كانوا أشراف الشام لفترة طويلة و تفرقت قبيلتهم المسماة بـ"الزيدية" لأسباب كثيرة, فتبعثر أبناؤها بين سوريا و الأردن, و اعتمد عليهم العثمانيون و من بعدهم الحرافشة في إدارة شؤون الزبداني و تحصيل الخراج من أهلها لفترة طويلة من الزمن,إلا أن وجودهم في الزبداني سبق الوجود التركي, و كانوا من سكان قرية كفر عامر و من أعلامهم ضاهر التل و شهاب التل و شيخ الزبداني. 

آل عواد: من سكان قرية كفر عامر و انتقلوا الى الزبداني و لهم شجرة عائلة موجودة و كذلك مجموعة من الوثائق التي يحتفظون بها مثل وثيقة كفر عامر 1450م و وثيقة وقف مقبرة آل عواد جنب جامع المراح عام 1692م وذكر فيها عدة عوائل أيضاً: (بربور الرشواني,  برهان الدين. الصمادي. السعدي. السبتي الرفاعي. الحسيني. فهد. بركات. قاسم) وكذلك وثيقة أخرى لشراء أرض في العضيمة  1172هـ ذكر فيها آل شبيب وعبد الحق و درويش وغيرهم. 


آل عزالدين: فيما يتعلق بالعلاقة بين آل عزالدين و آل الغتمة, و فيما إذا كانت عائلة درزية فيمكنني القول -و جدتي لأبي رحمها الله من ال عزالدين الغتمة- أن آل عزالدين الحاليين هم في الأساس عائلتين منفصلتين: الأولى تسمى الغُتمة و أخذت عزالدين لقبا لها و هي عائلة مسلمة سنية  أتت من كفر عامر ثم انتسبت لاحقا لآل عبد الحق و هم حالياً أولاد و أحفاد الشيخ عبد الفتاح عزالدين رحمه الله, و الثانية عائلة عزالدين, درزية بالفعل و قد استقرت في الزبداني و غيرت انتماءها الى الإسلام السني, ثم انتسبت الى آل عبد الحق, كنت قد سمعت ذلك من جدتي رحمها الله,و أرى ان هذا يؤيده ما ذكر في وثيقة كفرعامر سالفة الذكر,و قد تقابلت في عام 2014 بآل الغتمة في قرية لالا البقاعية, وهم عائلة سنية هناك, و ذكر لي أحدهم أنهم هربوا من الزبداني عند خراب كفر عامر فمنهم من استقر في الزبداني البلد ومنهم من أكمل جنوبا ليستقر في قرية لالا البقاعية.


آل علاء الدين: ذكر المؤرخ كمال المويل بأن أصل العائلة يعود الى كفر عامر أيضاً, و قد وجدت خلال البحث في كتاب الوفيات لابن رافع اسم عالم من علماء الزبداني با سم علاء الدين ابن عبد الباقي الفاكهاني وقد توفي عام 1338م وهو أخ قاضي الزبداني في حينها و وكان له جاهة في بلده الزبداني, و أعلم ان قسم من ال علاء الدين يلقبون بعبد الباقي أيضا فربما والله اعلم هناك صلة ما لكن لايوجد دليل قاطع على ذلك. 


آل رمضان: أتوا إلى الزبداني و تقاسموا الباكوية مع آل ثابت لفترة من الزمن , ربما أتوا قبل الزلزال وربما بعده فالصلة القائمة الى اليوم بين آل رمضان في دمشق و آل رمضان في الزبداني تبقي الباب مفتوحا امام كلا الحالتين و لاتجزم بأحدهما, و أغلب الظن أن أصل العائلة من أكراد دمشق الذين قدموا مع صلاح الدين الأيوبي. 


 آل اللبواني: الذين أدين لهم بحق الخؤولة, فهم بالأساس عائلة شيعية من أعيان قرية اللبوة هربت إلى الزبداني و استقرت بها و تحولت الى السنية, وصاهرت آل عبد الحق كما ذكر الدكتور كمال


وأما عن سبب تجمع العوائل الصغير في تجمعات عائلية أكبر كعائلة عبد الحق فلابد أن السبب الرئيسي لذلك هو بهدف الحماية من الهجمات المتكررة التي كانت تتعرض لها قرى الزبداني و ماحولها خلال فترات الصراع المختلفة التي ميزت الفترة الاخيرة من حكم العثمانيين للشام بما فيها بعلبك و لبنان الكبير وكذلك في نفس الفترة تم توزيع الاملاك على السكان كماذكر الدكتور كمال و ذكر الاستاذ حسين اسماعيل انه تم اعادة تاسيس الزبداني و توزيع الاملاك على السكان الموجودين  حوالي عام 1600م و تم التوزيع بشكل عادل الا انه اعقب ذلك فترة من عدم الاستقرار نتيجة التنازع على الاملاك و حالات استملاك اراضي بغير حق. 


فإذا, لدينا اليوم على الأقل ثلاثة عوائل مسلمة على الاقل سكنت منطقة الزبداني و انتقلت بين كفر عامر و الزبداني ولديها امتداد تاريخي موثق يقارب ال600 عام و هم آل عواد و آل التل و آل عزالدين الغتمة, و كذلك بالنظر الى تاريخ مدرسة الزبداني فلديها استمرار لاكثر من 700 عام و توالي ظهور أعلام و علماء من الزبداني ينفي بشكل قاطع حدوث انقطاع كامل في النسيج المجتمعي الزبداني و انما يمكن ان القول بان الزلزال الشهير و السيول التي كانت تصيب الزبداني قديما و اعادة توزيع الاملاك على السكان شكلت نوعا من الاضطراب و اعادة التموضع ضمن حدود الزبداني نفسها, و بالطبع هذا لاينفي هجرة عوائل من منطقة الزبداني كآل طنطاوي و الصمادي مثلاً و كذلك لا ينفي قدوم عوائل جديدة للاستقرار فيها كآل رمضان و التيناوي و اللبواني أيضاً. 


 إن الحديث عن تاريخ الزبداني يطول ويطول, و لامجال للتوسع أكثر من ذلك في هذا المقال, ولكن خلاصة الحديث, بأنه لا يوجد دليل تاريخي يؤكد أن سكان الزبداني كانوا من الدروز, و لا أن العوائل المسيحية لم تدخل في الاسلام ابداً, بل جميع الأدلة التاريخية تؤكد عكس تصورات الدكتور كمال اللبواني, لذلك كان لابد من تبيان بعض النقاط المهمة في حديث الدكتور كي لا يتم طمس جزء مهم وطويل من تاريخ الزبداني على حساب إبراز فكرة أراد الدكتور تأكيدها وهي دور الحكم العثماني في تغيير النسيج الإجتماعي السوري بشكل عام, و ربط الصراعات القائمة حالياً بين مكونات المجتمع السوري بسياسات الحكم العثماني لبلاد الشام, و من خلفها الدور التركي الحالي في الثورة السورية, علماً أن الحديث عن الحكم العثماني للشام و الذي استمر لأكثر من أربعة قرون لايمكن اختصاره بآخر فترات حكمهم التي سادت فيها الإضطرابات, ومهدت لظهور الحس القومي العربي الذي عبر عنه الدكتوركمال بمصطلح "الروح الوطنية" في أول حديثه. 


اعداد و بحث 
م. رضوان منصور



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الزبداني في العهد العثماني "1"

استولى العثمانيون على بلاد الشام بقيادة السلطان سليم الأول عام (1516م) الموافق (922هـ) بعد معركة مرج دابق شمال حلب، وأتبعت الزبداني وأعمالها إلى والي دمشق.