ألقى الباحث محمد خالد رمضان في المركز الثقافي العدوي محاضرة حول «المسكن في التراث الشعبي، نموذجاً الأغنية الشعبية» في الثامن عشر من أيار 2008، وفيها تحدث الباحث عن مراحل
تطور المسكن، ووقعه في نفس الإنسان، وما جاء فيه من أقاويل ثم كيف تجلى في الأغنية الشعبية، مستعرضاً شواهد من أغانٍ من مختلف المناطق السورية.يقول رمضان «ما البيت الذي نسكنه الآن إلا نتيجة تطورات كثيرة طرأت على المسكن وأضافت إليه في كل مرة شيئاً جديداً لتأمين راحة الناس، وتأمين جميع حوائجهم اليومية، وأثناء عملية تطور البناء منذ العهود السحيقة في القدم أخذت قضية المسكن أبعاداً كثيرة دخلت حياة الإنسان في كل جزئياتها، ومنها التراث الشعبي.
«المسكن هو ما يسكن إليه، ويأنس به، وهو سره، حيث تقضى فيه حاجات لا تقضى في مكان آخر، وهو يعني الهدوء اللازم للإنسان ليركن إلى نفسه ويخلو إليها، وهو بالنسبة إليه مخزونه، ومأواه، وسلوته، وبذلك عاش المسكن وما زال في ضميره وذاكرته الجمعية، يتذكره ويحن إليه، ويعيش في وجدانه حياً لا يموت».
يتابع رمضان: «إن كلمة سكن كما جاء عنها في المعجم الوسيط تعني سكنت النفس بعد الاضطراب، وسكن إليه يعني استأنس به واستراح إليه، وفي المدينة يعني المسكن توفر الغذاء والعمل والأمن والاستقرار، وفي القرآن الكريم عدة آيات تتحدث عن السكن والسكينة ومنها {وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم}.
«لذلك انعكس السكن في روح الإنسان وتمثله في تراثه الشعبي فكان في كل تنويعات هذا التراث: في المثل الشعبي، والحكاية، والاصطلاح، والكناية، والاعتقاد، والعادة، والأغنية التي هي موضوع بحثنا». وأورد الباحث جملة من المقاطع الغنائية التراثية التي انطوت بعض تراكيب مفرداتها على ذكر المسكن والبيت، فمثلاً من تراث منطقة الزبداني:
بو علي وسع منزلك خطار جينا زايرين
وتجوزوا وتجوزوا عقبال كل العاوزين
تقضوا الليالي بهنا طول المدى وطول السنين
يقول رمضان في تعليقه على هذه المقاطع «كما نشاهد هنا، المسكن لاستقبال الضيوف وهو يتسع للجميع، لذلك هناك دعوة للزواج حيث يتوفر المسكن والسكينة والأنس ومن يتوفر له ذلك يعش في هناء وسعادة طيلة حياته».
في أغنية الدلعونا التي مطلع أبياتها:
ياأبجد هوز ياأبجد هوز قوم عمر بيتك بعدين تجوز
قوم لحق حالك واللوز ما لوز قبل العذارى ما يتركونا
«فكما نلاحظ يصر المقطع الأول على البيت ووجوده وينصح الشاب بأن يمتلك بيتاً ويجهزه ثم يبحث عن الزواج لأنه أساس الاستقرار». وختم الباحث محاضرته بالتأكيد على علاقة الإنسان بمسكنه التي تمثلت في ذكره في العديد من الأغاني الشعبية التي عبرت عن آماله وأحلامه ومكنونات نفسه من خلال زخرفته له والاهتمام به، فيقول رمضان « فهي خزان مليء بذاكرته الجماعية وستظل تحمل هذه المعاني طالما أنها تعيش معنا ونعيش معها».
تعليقات
إرسال تعليق