التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الزبداني في العهد الإسلامي "4"

وفي سنة (367هـ) الموافق (977م) توفي محمد بن حوقل الموصلي وهو تلميذ الاصطخري في الجغرافيا، وكان قد وضع كتابا أسماه (المسالك والممالك) ذكر فيه الفيجة ونهر بردا، واختلف عن الاصطخري بأن ذكر لنهر بردى نبعين: من عين الفيجة، ومن عين بردى في جبل سنير، فقال:
((وأما جند دمشق فإن قصبتها دمشق. وهي أجل مدينة بالشام، وهي في أرض واسعة مستوية دحيت بين جبال، تحف بها مياه كثيرة وأشجار وزروع متصلة، وتسمى تلك البقعة الغوطة، عرضها مرحلة في مرحلتين، وليس بالشام مكان أنزه منها. ويخرج ماؤها من تحت بَيعة تعرف بالفيجة، مع ما يأتي إليه من عين بردى في جبل سنير، وهو أول ما يخرج يكون ارتفاعه ذراعا في عرض باع، ثم يجري في شِعْب يتفجر على حافتيه عيون كثيرة، فيأخذ منه نهر عظيم أجراه يزيد بن معاوية يغوص فيه الرجل عمقا، ثم يخرج منه نهر المزة ونهر القناة، ثم يظهر عند خروجه من بين الشعاب في موضع يقال له النيرب، ويقال: إنه الموضع الذي عناه الله تعالى بقوله: (وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين). ثم يتصل من هذا الماء عمود النهر المسمى بردى، وعليه قنطرة في وسط مدينة دمشق، عريضة كثيرة الماء لا يعبرها الراكب غزارة وكثرة، فيفضي إلى قرى الغوطة، ويجري في سككهم وعامة دورهم وحماماتهم)). (نقلا عن كتاب دمشق الشام في نصوص الرحالين).

وفي سنة (375هـ) الموافق (986م) ألف المقدسي كتابه (أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم) وذكر فيه الزبداني فقال: ((ووجدت في كتاب بالبصرة أربعة أنهار من الجنة في الدنيا: النيل وجيحون والفرات والرس. وأربعة من أنهار النار في الدنيا: الزبداني والكر وسنجة والسم)). وذكر أن الزبداني تتبع لدمشق في التقسيم الإداري فقال: ((ولدمشق: داريا، بانياس، صيدا، بيروت، عرقة، طرابلس، الزبداني. وناحية البقاع مدينتها بعلبك، ولها: كامد، عرجموش)). ثم ذكر أن الزبداني تتبع لناحية البقاع التي تتبع بدورها لقصبة دمشق فقال: ((وأما دمشق فاسم القصبة أيضاً ومدنها: بانياس، صيدا، بيروت، طرابلس، عرقة. وناحية البقاع مدينتها: بعلبك، ولها كامد، عرجموش، الزبداني، ولدمشق ست رساتيق: الغوطة، حوران، البثنية، الجولان، البقاع، الحولة)). وذكر أنها تقع في منتصف المسافة بين بعلبك ودمشق فقال: ((ومن بعلبك إلى الزبداني مرحلة ثم إلى دمشق مرحلة)).

وقد ذكر صاحب (خطط الشام) في الكلام على التقاسيم الإدارية في عصر المماليك أن الزبداني كانت عاصمة مملكة وذلك اعتبارا من القرن الخامس الهجري إلى القرن العاشر الهجري، فقال تحت عنوان (التقسيم في عصر الصليبيين والمماليك): ((وما زال تقسيم الشام إلى أجناد مدة الأمويين وطرف صالح من عهد العباسيين، ويفرق العمال الذين ينصبونهم على البلاد بحسب ما يرون فيه المصلحة، دام ذلك إلى القرن الخامس، فكانوا يقطعون بعض الأعمال ويدعونها ممالك، فكانت صرخد مملكة والزبداني مملكة وحمص مملكة وحماة مملكة وحلب مملكة، وهذا التقسيم مختل لاختلال أحوال البلاد بالحروب الصليبية)) (خطط الشام الجزء الثالث).

وفي سنة (428هـ) الموافق (1037م) توفي إمام الجامع الأموي الشيخ والمقرئ والمحدّث أبو طاهر الآبلي نسبة إلى آبل السوق (وهي سوق وادي بردى الآن)، ذكر ذلك ياقوت الحموي في كتابه (معجم البلدان) في سياق كلامه على (آبل) فقال: ((وآبل أيضا آبل السوق: قرية كبيرة في غوطة دمشق من ناحية الوادي، ينسب إليها أبو طاهر الحسين بن محمد بن الحسين بن عامر بن أحمد ويُعرف بابن خُراشة الأنصاري الخزرجي المقري الآبلي إمام جامع دمشق، قرأ القرآن على أبي المظفر الفتح بن برهان الأصبهاني وأقرانه، وروى عن أبي علي الحسين بن إبراهيم بن جابر يعرف بابن أبي الزمزم الفرائضي وأبي بكر عبد الله بن محمد بن عبد الله بن هلال الحناني وأحمد بن محمد المؤذن بن القاسم وأبي بكر الميانجي وأبي عبد الله محمد بن عبد الله بن ذكوان وأبي همام محمد بن إبراهيم بن عبد الله الحافظ، وروى عنه أبو عبد الله بن أبي الحديد ومحمد بن أحمد بن أبي الصفر الأنباري وأبو سعد السمان وأبو محمد عبد العزيز الكتاني وقال: توفي شيخنا أبو طاهر الآبلي في سابع عشر ربيع الآخر سنة 428 وكان ثقة نبيلاَ مأمونا)). كما ترجم له ابن عساكر في كتابه (تاريخ دمشق) كونه أحد أشياخ ابن عساكر في رواية الحديث فقال في ترجمته: ((1602ـ حسين بن محمد بن الحسين بن عامر بن أحمد أبو طاهر الأنصاري الخزرجي المقرئ المعروف بابن خراشة الآبلي من أهل آبل السوق، كان إمام المسجد الجامع بدمشق، قرأ القرآن على أبي الفتح المظفر بن برهان الأصبهاني وأقرانه، وحدّث عن أبي بكر عبد الله بن محمد بن عبد الله بن هلال الحنائي وابن أبي الزمزم الفرائضي وأبي بكر الميانجي وأبي محمد عبد الله بن محمد بن ذكوان وأبي القاسم أحمد بن محمد بن المؤذن وأبي الفتح بن برهان المقرئ وأبي همام محمد بن إبراهيم بن عبد الله الحافظ، روى عنه أبو محمد الكتاني وأبو عبد الله بن أبي الحديد ومحمد بن أحمد بن أبي الصقر الأنباري وأبو سعد السمان)) ثم روى ابن عساكر عنه هذين الحديثين وهما: مداراة الناس صدقة. أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك. فقال: ((أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني أخبرنا عبد العزيز بن أحمد أخبرنا أبو طاهر الحسين بن عامر بن أحمد بن خراشة المقرئ إمام جامع دمشق أخبرنا أبو علي الحسين بن إبراهيم بن جابر الفرائضي أخبرنا محمد بن تمام بن صالح البهراني أخبرنا المسيب بن واضح الكفر طابي أخبرنا يوسف بن أسباط عن سفيان الثوري عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مداراة الناس صدقة. أخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي الحديد أخبرنا جدي أبو عبد الله أخبرنا أبو طاوس الحسين بن محمد بن الحسين بن عامر المقرئ إمام جامع دمشق أخبرنا القاضي أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الغفار المعروف بابن ذكوان أخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن داود أخبرنا العباس بن محمد الدوري أخبرنا طلق بن غنام عن شريك وقيس عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك. أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني أخبرنا عبد العزيز التميمي قال: توفي شيخنا أبو طاهر الحسين بن محمد بن عامر الآبلي المقرئ إمام جامع دمشق يوم الأربعاء السابع من شهر ربيع الآخر من هذه السنة سنة ثمان وعشرين وأربعمائة. حدّث عن الميانجي والحسن بن إبراهيم بن أبي الزمزم الفرائضي وغيرهما، وكان ثقة نبيلا مأمونا يذهب إلى مذهب الأشعري رحمة الله عليه)).

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الزبداني في العهد العثماني "1"

استولى العثمانيون على بلاد الشام بقيادة السلطان سليم الأول عام (1516م) الموافق (922هـ) بعد معركة مرج دابق شمال حلب، وأتبعت الزبداني وأعمالها إلى والي دمشق.