قبل سنة (34هـ) الموافق (655م) مرّ الصحابي الجليل عبادة بن الصامت بقرية دمر من قرى وادي بردى، وكان معه خادم فطلب منه أن يأتي بسواك من الصفصاف من الأشجار المطلة على نهر بردى، ثم امتنع عن طلبه تحرجا من أن
الحطب لصاحبه وهو لم يأخذ إذنه. ذكر ذلك الإمام الذهبي في كتابه (سير أعلام النبلاء) في ترجمة عبادة بن الصامت فقال: ((عبادة بن الصامت الخزرجي: الإمام القدوة، أبو الوليد الأنصاري، أحد النقباء ليلة العقبة، ومن أعيان البدريين، سكن بيت المقدس. شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال محمد بن كعب القرظي: جمع القرآن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم خمسة من الأنصار: معاذ، وعبادة، وأبي، وأبو أيوب، وأبو الدرداء. فلما كانت خلافة عمر، كتب يزيد بن أبي سفيان إليه: إن أهل الشام كثير، وقد احتاجوا إلى من يعلمهم القرآن ويفقههم. فأرسل عبادة. وعن برد بن سنان، عن إسحاق بن قبيصة بن ذؤيب، عن أبيه، أن عبادة أنكر على معاوية شيئا، فقال: لا أساكنك بأرض، فرحل إلى المدينة، قال له عمر: ما أقدمك؟ فأخبره بفعل معاوية. فقال له: ارحل إلى مكانك، فقبح الله أرضا لست فيها وأمثالك، فلا إمرة له عليك. وعن ابن أبي أويس، عن أبيه، عن الوليد بن داود بن محمد بن عبادة بن الصامت عن ابن عمه عبادة بن الوليد، قال: كان عبادة بن الصامت مع معاوية، فأذن يوما، فقام خطيب يمدح معاوية، ويثني عليه، فقام عبادة بتراب في يده، فحشاه في فم الخطيب، فغضب معاوية، فقال له عبادة: إنك لم تكن معنا حين بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة، على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وأثره علينا، وألا ننازع الأمر أهله، وأن نقوم بالحق حيث كنا، لا نخاف في الله لومة لائم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتم المداحين، فاحثوا في أفواههم التراب). وعن يحيى بن سليم، عن ابن خثيم، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة، عن أبيه: أن عبادة بن الصامت مرت عليه قطارة (رتل من الإبل) وهو بالشام، تحمل الخمر، فقال: ما هذه؟ أزيت؟ قيل: لا، بل خمر يباع لفلان. فأخذ شفرة من السوق، فقام إليها، فلم يذر فيها راوية إلا بقرها، وأبو هريرة إذ ذاك بالشام، فأرسل فلان إلى أبي هريرة، فقال: ألا تمسك عنا أخاك عبادة، أما بالغدوات، فيغدو إلى السوق يفسد على أهل الذمة متاجرهم، وأما بالعشي، فيقعد في المسجد ليس له عمل إلا شتم أعراضنا وعيبنا! قال: فأتاه أبو هريرة، فقال: يا عبادة، مالك ولمعاوية ؟ ذره وما حمل. فقال: لم تكن معنا إذ بايعنا على السمع والطاعة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وألا يأخذنا في الله لومة لاثم. فسكت أبو هريرة. وعن الوليد بن مسلم، حدثنا عثمان بن أبي العاتكة: أن عبادة بن الصامت مر بقرية دمر (من القرى المطلة على نهر بردى)، فأمر غلامه أن يقطع له سواكا من صفصاف على نهر بردى، فمضى ليفعل. ثم قال له: ارجع فإنه إن لا يكن بثمن، فإنه ييبس، فيعود حطبا بثمن. (وذلك لأنها من قرى الذمة افتتحت صلحا). مات بالرملة سنة أربع وثلاثين، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة)).
وفي سنة (59هـ) الموافق (680م) توفي الصحابي سعيد بن العاص ودفن بالمدينة النبوية، وقد ترجم له الصفدي في كتابه (الوافي في الوفيات) فذكر أنه كانت له دار بدمشق تعرف بدار نعيم وكان له حمَّام بنواحي قرية الديماس وهي من قرى الزبداني وتقع في منتصف المسافة بين دمشق والزبداني. كما ترجم له ابن عساكر في كتابه (تاريخ دمشق) وذكر المعلومة نفسها. قال ابن عساكر: ((سعيد بن العاص ابن أبي أحيحة: سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس، أبو عثمان ويقال أبو عبد الرحمن الأموي، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وله عنه رواية، وروى عن عمر وعثمان وعائشة، وروى عنه ابناه يحيى وعمرو ابنا سعيد وسالم بن عبد الله بن عمر وعروة بن الزبير وعمار مولى الحارث بن نوفل، وقتل أبوه العاص بن سعيد يوم بدر كافرا، وكان سعيد عامل عثمان على الكوفة واستعمله معاوية على المدينة غير مرة، وقدم على معاوية بعد استقرار الأمر له ولم يدخل معه في شيء من حروبه، وكانت له بدمشق دار كانت تعرف بعده بدار نعيم وحمام نعيم بنواحي الديماس، ثم رجع سعيد إلى المدينة ومات بها وكان كريما جوادا ممدحا)). ثم ذكر ابن عساكر بإسناده أن من الأحاديث التي رواها سعيد بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ((خياركم في الإسلام خياركم في الجاهلية)).
وفي سنة (118هـ) الموافق (737م) توفي مكحول الشامي ودُفن شمال الزبداني وجنوب كفر عامر في المكان الذي يسميه أهالي الزبداني (النبي عبدان)، وهذا المكان في الأصل كان مقبرة تابعة لقرية كفر عامر ولما اندثرت قرية كفر عامر أصبحت المقبرة تابعة للزبداني، وأصل التسمية هو (للنبي عبدان) يعني في ذلك المكان دُفن خادمين ممن يخدمون النبوة، ثم حوّرت العامة الاسم فصار (النبي عبدان) علما أنه لا يوجد نبي بهذا الاسم لا في الإسلام ولا في المسيحية ولا في اليهودية، والعبدان اللذان دُفنا في ذلك المكان هما من التابعين: خالد بن معدان (توفي سنة 106هـ) ومكحول الشامي (توفي سنة 118هـ). وقد ذكر الصفدي في كتابه (الوافي في الوفيات) في ترجمة خالد بن معدان: ((الكلاعي الحمصي: خالد بن معدان بن أبي كرب، أبو عبد الله الكلاعي الحمصي. كان يتولى شرطة يزيد بن معاوية، وروى عن أبي عبيدة ومعاذ وعبادة وأبي الدرداء وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو ومعاوية وغيرهم، وأدرك سبعين من الصحابة، وكان من فقهاء الشام بعد الصحابة، له علم وعمل وكلام في المواعظ وذكر الموت، وكان علمه في مصحف له أزرار وعُرى. وكان الأوزاعي يعظمه وقال: أنا له قعب. وقال العجلي: تابعي ثقة. ومات وهو صائم سنة ثلاث أو أربع أو خمس أو ست أو ثمان ومائة بأنطرسوس)). وقد جاء في ترجمة مكحول الشامي في كتابه (وفيات الأعيان وأنباء الزمان) لابن خلكان: ((لم يكن مكحول شاميا أو سوريا أصلا، بل الراجح أنه من كابل، وقع إلى سعيد بن العاص فوهبه إلى امرأة من بني هُذيل فأعتقته، كان يقيم في دمشق، وكان معلم الإمام الأوزاعي، قال الزهري: العلماء أربعة: سعيد بن العاص في المدينة، والشعبي بالكوفة، والحسن البصري بالبصرة، ومكحول بالشام، ولم يكن في زمنه أبصر منه في الفتيا، وكان لا يُفتي حتى يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، هذا رأيي والرأي يُخطئ ويُصيب، توفي سنة 118هـ)).
قلت: وقد سمعت بعض المعمرين من أهالي الزبداني يقولون: إن أصل تسمية هذا المكان هو النبي معمدان، وهو نبي الله يحيى عليه السلام والذي هو في المسيحية يوحنا المعمدان، ظنا من الأهالي أن يحيى عليه السلام دفن جسده في هذا المكان وأرسل رأسه إلى القسطنطينية عندما قتله الحاكم الروماني هيرودوس وذلك سنة (16م) أي بعد سنة من بعثته إلى الناس، وقد حوّرت العامة اللفظ من النبي معمدان إلى النبي عبدان، ولهذا المكان شاهد من الروايات المتداولة قديما، حيث إن قبر النبي عبدان يقع جنوب قرية الدلة، وقد ذكر الشيخ عبد الغني النابلسي أن قبر جسد النبي يحيى بجانب جامع الدلة فقال في كتابه (حلة الذهب الإبريز في رحلة بعلبك والبقاع العزيز): ((إلى أن وصلنا إلى جامع الدلة، بكسر الدال المهملة وتشديد اللام المفتوحة، وهو في رأس جبل عالي، وعنده قرية لطيفة تشير إلى البناء السابق في الأيام الخوالي، فحين أقبلنا عليها، وإذا برجل من أهلها متردد إليها، وعليه سيماء الصالحين، فاستبشرنا برؤيته وقلنا: إننا إن شاء الله في هذه الزيارة من المقبولين، ثم دخلنا إلى داخل ذلك الجامع المبارك، بمعونة الله عز وجل وتبارك، وإذا في داخل الجامع مغارة يقال: إن فيها جثة يحيى نبي الله صلى الله عليه وسلم)).
وأما أخبار الزبداني في العصور الإسلامية الوسطى فقد أخذت المدينة بأسباب العمران والازدهار وذلك بفضل استتباب الأمن بعد الفتح الإسلامي ونشاط الحركة التجارية، وأعيد بناء القرى التي تهدمت بفعل الحروب كذاكية والسفيرة وغيرها، حتى أصبحت مدينة كبيرة ولمع اسمها بين أمهات المدن وأتى الكتاب والشعراء على وصفها وتعداد محاسنها.
الحطب لصاحبه وهو لم يأخذ إذنه. ذكر ذلك الإمام الذهبي في كتابه (سير أعلام النبلاء) في ترجمة عبادة بن الصامت فقال: ((عبادة بن الصامت الخزرجي: الإمام القدوة، أبو الوليد الأنصاري، أحد النقباء ليلة العقبة، ومن أعيان البدريين، سكن بيت المقدس. شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال محمد بن كعب القرظي: جمع القرآن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم خمسة من الأنصار: معاذ، وعبادة، وأبي، وأبو أيوب، وأبو الدرداء. فلما كانت خلافة عمر، كتب يزيد بن أبي سفيان إليه: إن أهل الشام كثير، وقد احتاجوا إلى من يعلمهم القرآن ويفقههم. فأرسل عبادة. وعن برد بن سنان، عن إسحاق بن قبيصة بن ذؤيب، عن أبيه، أن عبادة أنكر على معاوية شيئا، فقال: لا أساكنك بأرض، فرحل إلى المدينة، قال له عمر: ما أقدمك؟ فأخبره بفعل معاوية. فقال له: ارحل إلى مكانك، فقبح الله أرضا لست فيها وأمثالك، فلا إمرة له عليك. وعن ابن أبي أويس، عن أبيه، عن الوليد بن داود بن محمد بن عبادة بن الصامت عن ابن عمه عبادة بن الوليد، قال: كان عبادة بن الصامت مع معاوية، فأذن يوما، فقام خطيب يمدح معاوية، ويثني عليه، فقام عبادة بتراب في يده، فحشاه في فم الخطيب، فغضب معاوية، فقال له عبادة: إنك لم تكن معنا حين بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة، على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وأثره علينا، وألا ننازع الأمر أهله، وأن نقوم بالحق حيث كنا، لا نخاف في الله لومة لائم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتم المداحين، فاحثوا في أفواههم التراب). وعن يحيى بن سليم، عن ابن خثيم، عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة، عن أبيه: أن عبادة بن الصامت مرت عليه قطارة (رتل من الإبل) وهو بالشام، تحمل الخمر، فقال: ما هذه؟ أزيت؟ قيل: لا، بل خمر يباع لفلان. فأخذ شفرة من السوق، فقام إليها، فلم يذر فيها راوية إلا بقرها، وأبو هريرة إذ ذاك بالشام، فأرسل فلان إلى أبي هريرة، فقال: ألا تمسك عنا أخاك عبادة، أما بالغدوات، فيغدو إلى السوق يفسد على أهل الذمة متاجرهم، وأما بالعشي، فيقعد في المسجد ليس له عمل إلا شتم أعراضنا وعيبنا! قال: فأتاه أبو هريرة، فقال: يا عبادة، مالك ولمعاوية ؟ ذره وما حمل. فقال: لم تكن معنا إذ بايعنا على السمع والطاعة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وألا يأخذنا في الله لومة لاثم. فسكت أبو هريرة. وعن الوليد بن مسلم، حدثنا عثمان بن أبي العاتكة: أن عبادة بن الصامت مر بقرية دمر (من القرى المطلة على نهر بردى)، فأمر غلامه أن يقطع له سواكا من صفصاف على نهر بردى، فمضى ليفعل. ثم قال له: ارجع فإنه إن لا يكن بثمن، فإنه ييبس، فيعود حطبا بثمن. (وذلك لأنها من قرى الذمة افتتحت صلحا). مات بالرملة سنة أربع وثلاثين، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة)).
وفي سنة (59هـ) الموافق (680م) توفي الصحابي سعيد بن العاص ودفن بالمدينة النبوية، وقد ترجم له الصفدي في كتابه (الوافي في الوفيات) فذكر أنه كانت له دار بدمشق تعرف بدار نعيم وكان له حمَّام بنواحي قرية الديماس وهي من قرى الزبداني وتقع في منتصف المسافة بين دمشق والزبداني. كما ترجم له ابن عساكر في كتابه (تاريخ دمشق) وذكر المعلومة نفسها. قال ابن عساكر: ((سعيد بن العاص ابن أبي أحيحة: سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس، أبو عثمان ويقال أبو عبد الرحمن الأموي، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وله عنه رواية، وروى عن عمر وعثمان وعائشة، وروى عنه ابناه يحيى وعمرو ابنا سعيد وسالم بن عبد الله بن عمر وعروة بن الزبير وعمار مولى الحارث بن نوفل، وقتل أبوه العاص بن سعيد يوم بدر كافرا، وكان سعيد عامل عثمان على الكوفة واستعمله معاوية على المدينة غير مرة، وقدم على معاوية بعد استقرار الأمر له ولم يدخل معه في شيء من حروبه، وكانت له بدمشق دار كانت تعرف بعده بدار نعيم وحمام نعيم بنواحي الديماس، ثم رجع سعيد إلى المدينة ومات بها وكان كريما جوادا ممدحا)). ثم ذكر ابن عساكر بإسناده أن من الأحاديث التي رواها سعيد بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ((خياركم في الإسلام خياركم في الجاهلية)).
وفي سنة (118هـ) الموافق (737م) توفي مكحول الشامي ودُفن شمال الزبداني وجنوب كفر عامر في المكان الذي يسميه أهالي الزبداني (النبي عبدان)، وهذا المكان في الأصل كان مقبرة تابعة لقرية كفر عامر ولما اندثرت قرية كفر عامر أصبحت المقبرة تابعة للزبداني، وأصل التسمية هو (للنبي عبدان) يعني في ذلك المكان دُفن خادمين ممن يخدمون النبوة، ثم حوّرت العامة الاسم فصار (النبي عبدان) علما أنه لا يوجد نبي بهذا الاسم لا في الإسلام ولا في المسيحية ولا في اليهودية، والعبدان اللذان دُفنا في ذلك المكان هما من التابعين: خالد بن معدان (توفي سنة 106هـ) ومكحول الشامي (توفي سنة 118هـ). وقد ذكر الصفدي في كتابه (الوافي في الوفيات) في ترجمة خالد بن معدان: ((الكلاعي الحمصي: خالد بن معدان بن أبي كرب، أبو عبد الله الكلاعي الحمصي. كان يتولى شرطة يزيد بن معاوية، وروى عن أبي عبيدة ومعاذ وعبادة وأبي الدرداء وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو ومعاوية وغيرهم، وأدرك سبعين من الصحابة، وكان من فقهاء الشام بعد الصحابة، له علم وعمل وكلام في المواعظ وذكر الموت، وكان علمه في مصحف له أزرار وعُرى. وكان الأوزاعي يعظمه وقال: أنا له قعب. وقال العجلي: تابعي ثقة. ومات وهو صائم سنة ثلاث أو أربع أو خمس أو ست أو ثمان ومائة بأنطرسوس)). وقد جاء في ترجمة مكحول الشامي في كتابه (وفيات الأعيان وأنباء الزمان) لابن خلكان: ((لم يكن مكحول شاميا أو سوريا أصلا، بل الراجح أنه من كابل، وقع إلى سعيد بن العاص فوهبه إلى امرأة من بني هُذيل فأعتقته، كان يقيم في دمشق، وكان معلم الإمام الأوزاعي، قال الزهري: العلماء أربعة: سعيد بن العاص في المدينة، والشعبي بالكوفة، والحسن البصري بالبصرة، ومكحول بالشام، ولم يكن في زمنه أبصر منه في الفتيا، وكان لا يُفتي حتى يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، هذا رأيي والرأي يُخطئ ويُصيب، توفي سنة 118هـ)).
قلت: وقد سمعت بعض المعمرين من أهالي الزبداني يقولون: إن أصل تسمية هذا المكان هو النبي معمدان، وهو نبي الله يحيى عليه السلام والذي هو في المسيحية يوحنا المعمدان، ظنا من الأهالي أن يحيى عليه السلام دفن جسده في هذا المكان وأرسل رأسه إلى القسطنطينية عندما قتله الحاكم الروماني هيرودوس وذلك سنة (16م) أي بعد سنة من بعثته إلى الناس، وقد حوّرت العامة اللفظ من النبي معمدان إلى النبي عبدان، ولهذا المكان شاهد من الروايات المتداولة قديما، حيث إن قبر النبي عبدان يقع جنوب قرية الدلة، وقد ذكر الشيخ عبد الغني النابلسي أن قبر جسد النبي يحيى بجانب جامع الدلة فقال في كتابه (حلة الذهب الإبريز في رحلة بعلبك والبقاع العزيز): ((إلى أن وصلنا إلى جامع الدلة، بكسر الدال المهملة وتشديد اللام المفتوحة، وهو في رأس جبل عالي، وعنده قرية لطيفة تشير إلى البناء السابق في الأيام الخوالي، فحين أقبلنا عليها، وإذا برجل من أهلها متردد إليها، وعليه سيماء الصالحين، فاستبشرنا برؤيته وقلنا: إننا إن شاء الله في هذه الزيارة من المقبولين، ثم دخلنا إلى داخل ذلك الجامع المبارك، بمعونة الله عز وجل وتبارك، وإذا في داخل الجامع مغارة يقال: إن فيها جثة يحيى نبي الله صلى الله عليه وسلم)).
وأما أخبار الزبداني في العصور الإسلامية الوسطى فقد أخذت المدينة بأسباب العمران والازدهار وذلك بفضل استتباب الأمن بعد الفتح الإسلامي ونشاط الحركة التجارية، وأعيد بناء القرى التي تهدمت بفعل الحروب كذاكية والسفيرة وغيرها، حتى أصبحت مدينة كبيرة ولمع اسمها بين أمهات المدن وأتى الكتاب والشعراء على وصفها وتعداد محاسنها.
تعليقات
إرسال تعليق