التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الزبداني ، ضبط التسمية "1"



كتب الخوري أيوب نجم سميا مقالا مطولا عن تاريخ الزبداني القديم جاء فيه: ((هي بلدة كبيرة من بلدان الشام، موقعها في الشمال الغربي من دمشق ببعد (45كلم)، وكلمتي عنها تاريخية عن قديمها مما هو غير مشهور عند أبناء عصرنا، ومما
تلذ معرفته)).

يقال من البعض بكسر الأول وسكون الثاني (زِبْداني)، وعند البعض الآخر بفتح الأول والثاني (زَبَداني) وهذا هو الأصح المنقول عن أصله الآرامي، وأما الياء في آخر الكلمة فقد وردت في الأصل خفيفة لا مشددة لأنها أصلية فيها لا نسبية، وسيرى القارئ صحة ما ذكرنا في لفظ الاسم المنقول إلى اليونانية عن الآرامية في القرن الرابع قبل ميلاد المسيح هكذا (ZABADONY)، أما الأصل الآرامي (السرياني) فهو بصيغة الجمع زابادوني (ZABADONAI)، وهو هكذا بحالة أعرابية من الأصل المفرد (زبد)، ومعناه: لب الخير أو خلاصة الخير، والسبب في تسمية الزبداني بهذا الاسم هو كثرة خيراتها وتنوع هذه الخيرات، وهكذا دخل إلى العربية بنفس اللفظ والمعنى، وقد أوجد الآراميون لهذا المعنى إلها وعملوا له صنما وبنوا له الهياكل وعبدوه، زاباد ZAVAD: إله الخير والعطايا، وجعلوه ابن الشمس الإله العام عندهم والذي يُسمونه (إيل)، وسموه (زَبَدْئيل) بسكون الثالث، وباسمه تسمَّى الكثير من ملوكهم، ونذكر هنا بعض الأسماء الموضوعة من قبل الآراميين بنفس الاشتقاق، منها: زبدئيل (زبدل) في لبنان الغربي غربي شتورة، ومنها: زبدئيل غربي بغداد، ومنها: زبدان في الجزيرة على نهر الخابور، ومنها جبلان في اليمن كل منهما يُسمّى زاباد. ويلاحظ أن الأسماء العبرية: زبدى، زبدي، زبديا، زَبَدْئيل، معناها: الله أعطى، وهذه الأسماء العبرية مشتقة من الآرامية.

وهناك قول ثان في تسمية هذه البلدة وهو أن يكون الاسم مشتقا من الفارسية من كلمة (سيب دان) وتعني بلد التفاح، ويستدل على صحة هذا القول بالقياس على (بلودان) وتعني بلد اللوز بالفارسية، وهذا القول بعيد لأنّ الزبداني كانت موجودة قبل استيلاء الفرس على هذه البلاد، ولأنّ الفترة التي حكم فيها الفرس هذه البلاد كما سنرى ليست كافية لتغيير الأسماء.

وهناك قول ثالث في التسمية وهو أن الزبداني مشتقة من الأكلة المعروفة (الزبدة)، وهذا القول ليس متميزا وإنما هو متطابق مع التسمية الآرامية للزبداني والتي تعني لب الخير أو خلاصة الخير، فالجذر اللغوي (زبد ZABAD) هو نفسه في الآرامية والعربية.

وقول رابع في التسمية وهو أنّ كلمة الزبداني مشتقة من اسم (زبدا) قائد زنوبيا ملكة تدمر حيث وُجد اسمه على حجر مقتلع من أحد خرائبها، وهذا القول بعيد، خاصة وأن الزبداني أقدم من القائد التدمري (زبدا)، والأصح أن يقال إن زبداني وزبدا لهما نفس الاشتقاق اللغوي في الآرامية، ولا مشكلة في تشابه أسماء الأشخاص مع أسماء الأماكن في نفس اللغة، وقد يكون العكس هو الصحيح بأن يكون اسم هذا القائد التدمري مشتقا من اسم البلدة.

ويبقى الراجح والصحيح في تسمية الزبداني هو أنها كلمة آرامية وتعني لب الخير أو خلاصة الخير، ويؤكد ذلك ما سنذكره عن تاريخ الزبداني في العهد الآرامي وكذلك الأسماء الآرامية لكثير من البلدات والقرى المحيطة بالزبداني.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الزبداني في العهد العثماني "1"

استولى العثمانيون على بلاد الشام بقيادة السلطان سليم الأول عام (1516م) الموافق (922هـ) بعد معركة مرج دابق شمال حلب، وأتبعت الزبداني وأعمالها إلى والي دمشق.