التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الزبداني في العهد الإسلامي "1"



وفي سنة (636م) الموافق (14هـ) فتح المسلمون هذه البلاد، وتم فتح دمشق بعد محاصرتها من جميع جهاتها، كما تم في نفس العام فتح الأبيلية والزبداني والبقاع، وذلك حينما بعث أبو عبيدة بن الجراح خالد بن الوليد إلى البقاع ففتحه، وبعث أبو عبيدة سرية لفتح الزبداني و
الأبيلية فالتقوا مع الروم في عين ميسنون (ميسلون)، وكان على الروم رجل يقال له: سنان، تحدَّر على المسلمين من عقبة بيروت فقتل منهم يومئذ جماعة من الشهداء فكانوا يُسمون عين ميسنون: عين الشهداء، قال ابن كثير في كتابه (البداية والنهاية) في أحداث سنة (14هـ): ((فصل: ثم إن أبا عبيدة بعث خالد بن الوليد إلى البقاع ففتحه بالسيف. وبعث سرية فالتقوا مع الروم بعين ميسنون، وعلى الروم رجل يقال له (سنان) تحدَّر على المسلمين من عقبة بيروت فقتل من المسلمين يومئذ جماعة من الشهداء فكانوا يسمون (عين ميسنون) عين الشهداء)). وعلى إثر هذه المعركة فتحت الأبيلية والزبداني، ومنذ ذلك التاريخ أصبحت هذه البلاد تشكل جزءا من الدولة الإسلامية المترامية الأطراف، وقد تخرَّبت بعض القرى نتيجة الصدامات بين القوات الرومانية وجيوش المسلمين، ومنها القرية التي كانت في موقع التكية جنوب الزبداني، وكذلك تخرب السد الذي كان مقاما على نهر بردى في ذلك الموضع، على رأي بعض المؤرخين.

يقول الخوري إلياس داود في (أوراقه): ((وكان الفتح العربي فدخل بعض سكان الزبداني في الإسلام سنة (640م) وبقي البعض على المسيحية إلى اليوم، وازدهرت الزبداني ودمشق في عهد الأمويين، وفي الزبداني عاش المسيحي والمسلم كلاهما جنبا إلى جنب لا يُفرِّقهم دين ولا تُميِّزهم عقيدة لأنّ المسلم والمسيحي يعبدون الإله نفسه وليس آخر، وهو الخالق العظيم وهو إله واحد لا شريك له. وكان في الزبداني كنيسة باسم القديس يوحنا حُوِّلت إلى جامع وجُدِّدت، وكنيسة للقديس سركيس أيضا، وأما الكنيسة التي في الكبري والمسماة على اسم النبي إلياس الحي فقد بقي منها بعض الآثار. وهناك شجرة سنديان يعتبرها المسيحيون مقدسة وتسمى شجرة مار إلياس قرب منبع نهر الكبري وإلى الشرق من الزبداني وعلى ارتفاع (1300متر) عن سطح البحر في وادي يتصل ببلودان)).

وأما الأبيلية فقد تم فتحها سنة (636م) حينما كان أهلها يحتفلون بالمعرض السنوي (السوق العام) الذي كان يقام هناك، ومنها عُرفت تلك المحلة باسم (سوق وادي بردى)، وقد أبقى المسلمون حكام البلاد في مناصبهم وكذا الأهالي على ديانتهم المسيحية، ولم تكن الأبيلية يومئذ أكثر من حاكمية صغيرة بعد أن انفصل عنها كثير من البلدان المجاورة، لكنها احتفظت بمركزها الديني المسيحي، ودامت مزدهرة حتى القرن الثالث عشر للميلاد.

يقول المؤرخ أحمد وصفي زكريا في كتابه (الريف السوري): ((أما أخبار كورة الزبداني خلال العصور الإسلامية الأولى فهي غير معروفة لأنّ كتب التاريخ العربية سكتت عنها، ولعلها كانت تشاطر دمشق وبعلبك في كل سرَّاء وضرَّاء من حروب ومحاصرات وزلازل بحكم وقوعها في منتصف الطريق بين هاتين المدينتين، وما زال مسكوتا عنها إلى أن برز اسمها خلال العصور المتوسطة حينما أخذ ملوك دمشق يقطعونها الأمراء والولاة الذين فقدوا بلادهم بسبب الحروب وغيرها ويعوضونهم بها عما دهاهم نظرا لجمال موقعها وطيب هوائها وتعدد أنواع فواكهها، وخاصة منها التفاح الذي هو قديم فيها))، ويقول الخوري أيوب نجم سميا في كتاباته عن الزبداني بعد أن تكلم على العهد الآرامي واليوناني والروماني في الزبداني: ((وأما تاريخ الزبداني العربي الإسلامي فهو مشهور ومعروف ولذلك ضربنا عنه صفحا))، قلت: كيف يكون تاريخ الزبداني في العصر الإسلامي الأول مشهورا ومعروفا وهو في نفس الوقت مسكوت عنه؟! ومن الذي سكت عنه؟ ولماذا؟!.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الزبداني في العهد العثماني "1"

استولى العثمانيون على بلاد الشام بقيادة السلطان سليم الأول عام (1516م) الموافق (922هـ) بعد معركة مرج دابق شمال حلب، وأتبعت الزبداني وأعمالها إلى والي دمشق.