التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الزبداني في العهد المسيحي "1"



دخلت المسيحية إلى دمشق حوالي منتصف القرن الأول المسيحي ومنها إلى الزبداني ووادي بردى (الأبيلية)، يقول الخوري إلياس داود في (أوراقه): ((وانتشرت المسيحية في دمشق ومن ثم في الزبداني سنة (37م)، وهكذا أحيت الكنيسة
اللغة الآرامية، وكان المسيحيون يستعملون اللغة الآرامية واليونانية في كتاباتهم وصلواتهم، وقد أشار التحول عن اليونانية والعودة إلى الآرامية في العصر البيزنطي إلى اليقظة الجديدة بين السوريين، وكان تجدد الاهتمام باللغة السامية القديمة دليلا على إحياء الوعي القومي كما كان رد فعل ضد الوثنية، وقد ترك أهالي الزبداني آلهتهم القديمة وعبدوا الإله الحي خالق السموات والأرض، بواسطة المسيحية التي أدانوا بها، وأصبح في الزبداني أديارا عدة وكنائس لم تزل آثارها باقية إلى اليوم في كل جهاتها وفي كل مكان فيها، والتي هُدم أكثرها ولم يبق منها إلا النذر اليسير من الأحجار التي تلاحظ هنا وهناك، وكانت في أوج مجدها وعظمتها وعمرانها في القرون الخامس والسادس والسابع الميلادي)).

ويقول الخوري أيوب نجم سميا: ((دخلت المسيحية من القرن الأول المسيحي ومنها إلى الزبداني، وفي القرن الرابع المسيحي حوَّل مسيحيو الزبداني المعبد الكبير الوثني (الآرامي) الذي كان فيها إلى كنيسة على اسم يوحنا المعمدان، وذلك لأنّ جمجمة هذا النبي التي قُطعت عن جسده بأمر هيرودوس ملك اليهود المالك في أورشليم (في القرن الأول المسيحي) قد تنقلت عدة نقلات عند المؤمنين حتى وصلت إلى مدينة دمشق بطريق القسطنطينية، وذلك عندما حوَّل الإمبراطور ثيوذوسيوس الأول ملك القسطنطينية معبد دمشق الوثني الكبير (معبد الإله الآرامي رموت) إلى معبد مسيحي سنة (385م)، فحوَّله إلى اسم النبي يوحنا المعمدان بن النبي زكريا، وفي سنة (451م) أرسل الملك مركيانوس إمبراطور القسطنطينية إلى كنيسة يوحنا بدمشق جمجمة النبي يوحنا ودفنت فيها، ومنذ ذلك الوقت أصبحت الزبداني مركزا لأسقفية تابعة لمطرانية الأبيلية (سوق وادي بردى). وفي عصر حكم المماليك على مصر وسورية، في عهد الملك الظاهر بيبرس البندقداري الذي ملك من سنة 1260م إلى سنة 1275م خربت مدينة أبيلا وبطلت مطرانيتها فتبعت أسقفية الزبداني لمطرانية سلفكيا (معلولا)، وبقيت إلى القرن الثامن عشر، وكان آخر أساقفتها الأسقف ملاتيوس الذي اشترك في رسامة البطريرك أنثاسيوس سنة 1720م، ثم وقع عليها حيف فتضاءلت وألغيت)).

ويذكر الخوري إلياس داود في (أوراقه) أن سوق وادي بردى الحالية تعرف باسم الأبيلية، وورد ذكرها في العهد الجديد في إنجيل لوقا: ((وليسانياس رئيس ربع على الأبيلية)) (لوقا 3/1)، وذلك في أيام سلطنة الإمبراطور طيباريوس قيصر، والقرية نفسها تعرف باسم (أبيلا) أو (أبيل) وتعني هابيل، واللفظ في اللغة اللاتينية واللغات الغربية الأخرى، وهذه كانت مدينة مزدهرة حيث كانت تمر فيها القوافل التجارية من دمشق إلى الزبداني فبعلبك (مدينة الشمس)، كما إنها كانت قد دخلت إليها المسيحية كالزبداني عن طريق دمشق، وكانت مركزا لأسقفية. وترتبط الزبداني بدمشق ارتباطا وثيقا فالطريق الذي يصل دمشق بمدينة بعلبك مارا بوادي بردى يمر في الزبداني ولا زال اسمه إلى اليوم الطريق السلطاني، وهذا من أدل الأدلة على ذلك الارتباط.

وفي القرن الخامس الميلادي كانت الأبيلية (سوق وادي بردى) مركزا لأسقفية ويتبع لها عدد من الكنائس منها الكنيسة التي في الزبداني على اسم يوحنا المعمدان، وفي سنة (451م) وفي عهد الإمبراطور مركيانوس ذهب أسقف الأبيلية (سوق وادي بردى) بروانوس إلى القسطنطينية لحضور المجمع المسكوني الرابع الذي عُقد ضد بدعة أوطيخة القائلة بالطبيعة الواحدة للسيد المسيح. (تاريخ الكرسي الأنطاكي، الدكتور أسد رستم).

ومن أساقفة الأبيلية في القرن الخامس الميلادي الأسقف جردان وبعده الأسقف يوحنا، ذكر ذلك المطران يوسف الدبس في (تاريخ سورية) فقال: ((ومن أساقفة الأبيلية (وهي المعروفة الآن بسوق وادي بردى) جردان، وقد شهد مجمع أنطاكية الذي حكم على أثناسيوس أسقف البارة، وأعمال هذا المجمع مثبتة في المجلس الرابع عشر من المجمع الخلكيدوني (451م)، وترى في أعمال هذا المجمع توقيع بترينس خوريه الأسقفي نائبا عنه. وقام بعده الأسقف يوحنا، ترى توقيعه في رسالة أساقفة فونيقي الثانية إلى لاون الملك (472م) في شأن مقتل برتوريوس بطريرك إسكندرية))

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الزبداني في العهد العثماني "1"

استولى العثمانيون على بلاد الشام بقيادة السلطان سليم الأول عام (1516م) الموافق (922هـ) بعد معركة مرج دابق شمال حلب، وأتبعت الزبداني وأعمالها إلى والي دمشق.