في القسم الشرقي من مدينة "الزبداني" القابعة على السفح الشرقي من السلاسل الشرقية لجبال "لبنان" تقع "الكبرى"و"الجرجانية" مطلتان على سهل "الزبداني" الخلاب، بما يحويه من بساتين الأشجار المثمرة.
لم تعد "الكبرى" و"الجرجانية" قريتان
مستقلتان تتبعان مدينة "الزبداني" بل انصهرتا فيها، وأصبحتا ضاحية من ضواحيها، وجزءاً لا يتجزأ منها.
لم تعد "الكبرى" و"الجرجانية" قريتان
مستقلتان تتبعان مدينة "الزبداني" بل انصهرتا فيها، وأصبحتا ضاحية من ضواحيها، وجزءاً لا يتجزأ منها.
تعتبر هذه الضاحية سياحية بامتياز فهي كما يقول المهندس "محمد عواد الرفاعي" - أحد المهتمين بالتاريخ والآثار- وموظف في المكتب الفني لبلدية "الزبداني" تمتلك جميع مقومات الموقع السياحي.
يبدأ "الرفاعي" حديثه لــ eSyria بتاريخ /7/6/2010/ بالقول: «كانت "الجرجانية" و" الكبرى" قبل الحكم العثماني لــ "سورية" قريتان تابعتان لــ "الزبداني" وبقيتا كذلك حتى أواسط الحكم العثماني لبلاد "الشام"، عندما بدأت تتعرضان كغيرهما من القرى لعمليات النهب والاعتداء من قبل قطاع الطرق، أو ما يطلق عليه أهل الزبداني "الطفار" وهم "الحراشفة" القاطنين في جبال "لبنان الشرقية" الذين كانوا يفرضون "الأتاوة" أو "الخوة" على سكان القرى لقاء حمايتهم، وإلا فحياتهم مهددة ما جعل أهلها يغادرون قراهم خوفاً على حياتهم وأموالهم ليتجمعوا في منطقة واحدة هي "الزبداني" في الفترة الواقعة ما بين /1700/- و/1800/ ميلادي، وهو ما ألغى إلى حد بعيد هجوم "الطفار"، ونذكر هنا بعض هذه القرى "شير عين التوت"، "الدلة"، "كفر عامر" و"كفر نفاخ"».
وهذا ما تؤكده الأخبار المنقولة شفاهاً حول أصل بعض العائلات في "الزبداني" "آل داوود"، "آل عواد" و"آل عبد الحق" من "الكبرى" أما "آل ديب"، "علي حسين الآغا" فهم من قرية "شير عين التوت" أما عائلات "برهان"، "علاء الدين" و"التل" فهي من قرية "كفر عامر" وكل هذه القرى لا تبعد أكثر من ثلاثة كيلومترات عن مركز المدينة.
رئيس الرابطة الأسبق "عبد الواحد جديد" في العقد السابع من عمره يتذكر الجرجانية قائلاً يقول: «ذكرياتي عن البلدة هي ذكريات طفل شرب من مياه نبع "الجرجانية" الرقراقة الصافية، وثمار أشجار المشمش والتفاح والسفرجل، أما اليوم فباتت جزءاً من المدينة».
يتابع المهندس "الرفاعي" فيقول: «هجرة سكان القرى أدت لتصدع وخراب منازلهم، كما أن الزلزال الكبير الذي أصاب بلاد "الشام" عام /1759/ م أحدث دماراً كبيراً ببقية المنازل، ومات فيه خلق كثير ما بين "حلب" و "القدس"، كما أن مرض الطاعون الذي أصاب المنطقة كاد أن يقفرها من السكان، ولا تزال أنقاض "الجرجانية" و"الكبرى" الآرامية القديمة مدفونة تحت المدينة الحديثة، ويظهر بين الحين والآخر بعض منها، ومن بقايا آثارهما بعض الأعمدة والقطع الحجرية وبقايا معبد "مار إلياس" وبعض القنوات، ومعصرة عنب قديمة وشجرة سنديان معمرة يزيد عمرها عن خمسمائة عام تسمى شجرة "مار إلياس" وتتمتع بقداسة معينة، ويقام "عيد الخضر" حولها، وتضاء فيها الشموع، وتربط فيها قطع القماش تيمناً وتباركاً بهذا المكان إذ يٌعتقد أن الشجرة زرعها "الخضر" عليه السلام».
أما اسمهما كما يقول السيد "عثمان يوسف" رئيس بلدية الزبداني - من مواليد "الكبرى"- فيعود إلى العهد "الآرامي" مضيفاً: «حملت الأولى اسم نبعها "الجرجانية" الذي يخرج من نفق محفور طوله حوالي (160) متر ضمن الجبل الشرقي، والنبع غزير ولا يجف صيفاً وتتميز مياهه بالغزارة والنقاء، أما الثانية أي "الكبرى" وينبع منها نبع سمي باسمها "الكبرى" ولا يبعد سوى (200) متر فقط عن النبع الأول، فجاء اسمها من "كيبرى" باللغة الآرامية ومعناها النحاس نظراً لوجود هذا من بيوت الجرجانيةالمعدن بقرب النبع، وهو ما دفع "اليونانيين" عندما استولوا على "سورية" لعمل معمل نحاس».
«وفي أربعينيات القرن الماضي يتابع المهندس -الرفاعي- أصبحت "الجرجانية" و"الكبرى" حياً من أحياء مدينة "الزبداني" أطلق عليه حي "الفردوس" نسبة للشركة اللبنانية "الفردوس" التي قامت بإشادة عدد من المباني والفلل فيها، وقهوة بني مكانها فندق "الريجنسي"، وفندق "أبو شعر" الذي بني في ثلاثينيات القرن الماضي وتحول فيما بعد إلى فندق "فينيقيا"».
ويؤكد ذلك "عدنان بقاعي" رئيس الرابطة الفلاحية في الزبداني قائلاً: «التصقت "الجرجانية" و"الكبرى" بالمدينة، وسكنها أبناء البلدتين وبعض الأسر الدمشقية، أما أراضيهما فمازالت تزرع بالأشجار المثمرة ولاسيما المشمش والتفاح السكري».
ويتابع المهندس "الرفاعي": «بجانب نبع "الجرجانية" بنى تاجر الجوخ " حسن القتلان" "قصر الجرجانية" ما بين /1929-1939/م عربون وفاء لزوجته، وتم إحضار الإسمنت والحديد للقصر من "فرنسا" عن طريق القطار البخاري، أما حجارته فمن الجبل الغربي بـ "الزبداني"، وما زال قبره وزوجته في مزرعة العقار، وسكن هذا القصر فيما بعد المجاهد "عبد الرحمن الشهبندر"، وفي الحرب العالمية الثانية استأجرته "فرنسا" وجعلته مصحاً للمصابين بالحرب، وتحول فيما بعد إلى فندق وليصبح في نهاية الأمر مطعماً، وبني في "الجرجانية فلل وقصور للرئيس "تاج الدين الحسيني"، والملك "فيصل الثاني"».
أما الأسباب التي جعلت هذه المنطقة تمتلك كل مقومات الموقع السياحي فيلخصها رئيس البلدية قائلاً: «لعل أبرز العوامل التي جعلت البلدة مركزاً هاماً من مراكز السياحة والاصطياف هي جمال الطبيعة، ورقة هواءها، واعتدال المناخ في فصل الصيف، وعذوبة مياهها، وقربها من مدينة "دمشق" وسهولة الوصول إليها صيفاً وشتاءً، قصر من قصور الجرجانية التي بنيت في ثلاثينيات القرن الماضيوالخدمات المتعددة التي تقدمها أجهزة الدولة من بريد وهاتف وكهرباء، والترحيب والود الذي يُستقبل به السائح واعتباره ضيفاً على أهلها».
ويضيف: يقول الشاعر "فتيان ابن علي الأسدي الشاغوري" المتوفي عام /1218/ ميلادي في مدح الزبداني وقراها:
وبالزبداني زبدة العيش جاءني بها المحض من محض الضروع الحوافل
ومازال ربع الأنس من كفر عامر يرى عامر الأرجاء عذب المناهل
وكم فزت في الكبرى بكبرى المنى من الزمان وصغراها بتلك الحوافل
وبالدلة الحسن البديع مخيّم لها أثر فيها قوي الدلائل
يذكر أن "الجرجانية" و"الكبرى" مشهورتان بأشجار الفواكه ولاسيما التفاح السكري والمشمش والخوخ والسفرجل البلدي.
و ارتفاعهما عن سطح البحر 1250 متر
و ارتفاعهما عن سطح البحر 1250 متر
المصدر :
موقع esyria/ سمير الزعبي
حزيران - 2010
ملاحظة : جميع الشخصيات المتحدثة في البحث موثوقة و معروفة في الزبداني
موقع esyria/ سمير الزعبي
حزيران - 2010
ملاحظة : جميع الشخصيات المتحدثة في البحث موثوقة و معروفة في الزبداني
باحث زبداني
تعليقات
إرسال تعليق