نشأت في الزبداني حرف عديدة وخاصة منها التي تعتمد على الزراعة والشجر ومن هذه الحرف حرفة صناعة (ماء الورد) (الماورد). وقد جاء في كتاب (نزهة الأنام في محاسن الشام )،
تأليف أبي البقاء عبد الله البدري من علماء القرن التاسع الهجري ص69 من الكتاب .
تأليف أبي البقاء عبد الله البدري من علماء القرن التاسع الهجري ص69 من الكتاب .
(وقرية الزبداني هي قلعة الورد، يستخرجون بها ماورد القاهرة المحروسة ومكة المشرفة وغيرهما من البلاد).
إذن فالزبداني كانت مركزاً هاماً لصناعة ماء الورد من وردها الذي يزرع خصيصاً لهذه الصناعة والحرفة. ولم يعد لهذه الحرفة وجود في هذه الأيام.
واشتهرت الزبداني قديماً بصناعة الفخار الجيد الذي كان يصدر ويباع في كل سورية
والدليل على ذلك ما جاء في كتاب : ( الوصلة إلى الحبيب في وصف الطيبات والطيب )لابن العدم في الجزء الثاني ص 685 وابن العديم من مواليد 588 هجرية وأما وفاته فكانت في عام 660 للهجرة ، حيث قال بعنوان :
(الصنف الثالث – وهو مليح ظريف)
(يؤخذ الخيار الصغار ، يقطع فلكاً ، مدورة ، وتؤخذ حلبة ، تنقع يومين وليلتين حتى تزول مرارتها ، وتجعل مع الخيار ، ويضاف إليه لبن حامض مصفى في كيس ، بحيث يبقى شديداً ، ويجعل مع الخيار والحلبة ، ويجعل فيه قلوب نعنع ، ويجعل الجميع في قدر زبداني ويسير ملح ، ويترك يومين، ويؤكل، وهذا النوع أكثر ما يبقى ثلاثة أيام أو أربعة ، والقدر تكون فخاراً جديدة ، وأما الخيار المخلل ، فإنه يبقى سنة أو أكثر ، إذا حفظ وعاؤه ، وغسل ظاهره ، ونظف ، وكان في مكان بارد )
انتهى الاقتباس .
هذا يعني أن القدر قدر زبداني ويعني أن الزبداني مشهورة بصناعة الفخار
وانتشرت في الزبداني حرف كثيرة منها :
صناعة الغزل ، صناعة الدبس، صناعة الكشك، صناعة الأطباق، صناعة السراويل، صناعة القمر الدين ، صناعة الملبن .
المصدر : الوصلة إلى الحبيب في وصف الطيبات والطيب الجزء الثاني ص 685 ، ابن العديم ، وهو من مواليد 588 هجرية ، وأما وفاته فكانت في عام 660 للهجرة
واشتهرت الزبداني بصناعة الخمور منذ القديم . وجاء في هذا المصدر أن نبي الله نوح هو الذي عصر الخمر وشرب منها وقطن في منطقة الزبداني .
وانتشرت صناعة الحرير الطبيعي وكان في الزبداني آلاف أشجار التوت التي تعيش عليها دودة القز .
وهناك صناعة الأنوال الخشبية التي تصنع بدورها الأقمشة والعبي والزنانير وغير ذلك . وكذلك صناعة البسط والحصر ، وخاصة الحصر المضاوية المشهورة في سورية كلها لسماكتها وقوتها ولأنها تقي من البرد واستمرت صناعة الحصر المضاوية لإلى عهد قريب جداً ، ولكن الصناعات التي تكلمنا عنها أكثرها اندثر وانتهى لأسباب عدة منها مزاحمة الصناعة الآلية ، ولكن لا تزال تصنع في الزبداني أدوات الزراعة وأدوات أخرى يحتاجها الإنسان، وذلك عند دكاكين الحدادين وهي أدوات كثيرة نذكر بعضها :
1- الفأس - 2- القزما – 3- المنكوش – 4 – الزابورة -5- الزوبر -6- المجرفة – 7- الكريك -8 –الشاكوش -9- المسحاية -10 – الكماشة – 11 – المالج – 12- المسطرين – 13- ميزان البلبل .
المصدر : الكتاب المقدس -العهد القديم – سفر التكوين .
وهناك صناعة الموبيليا التي انتشرت حديثاً في المناشر الآلية واليدوية وتصنع أشياء كثيرة . وفي الزبداني معامل جديدة كمعمل مياه بقين للمياه الغازية الذي يوزع إنتاجه إلى سورية ويصدر إلى العالم العربي ويعتمد في الأساس على مياه عين بقين ، ومعامل لصنع البوظة والحلويات وغيرها . نضيف إلى ذلك معمل صناعة الخراطيم ومعمل صناعة الصناديق البلاستيكية . ونفرد لصناعة القمر الدين قسماً خاصاً بها لأهميتها التراثية والشعبية وكذلك نفرد دراسة خاصة عن صنع الكعك الزبداني لأهمية هذه الصناعة التراثية الزبدانية .
( صناعة القمر الدين ) في أوائل حزيران من كل عام يبدأ المشمش تلك الفاكهة الزكية بالنضوج . وكم هي جميلة ومشرقة ارتسامته على لوحة البستان ، انسجام لوني مكتمل بين ثمرته الصفراء المشربة بالحمرة واخضرار ورقته الزاهي . ثمرته ريّا ملأى بمذاق حلو سكري ناعم.
والمشمش أشكال أنواع يزرع في بلادنا بكثرة . وتجود زراعته في الزبداني وفي غوطة دمشق الشرقية والغربية ومشمش الغربية أطيب وأندى ، وفي الساحل ومحافظة إدلب وحماة وحمص ، أما أنواعه المعروفة والمشهورة فهي البلدي والعجمي والكلابي والحموي والوزري والفرنسي والسنجاني واللوزي وكل منها له حجمه ولونه الخاص به .
يؤكل المشمش ولكنه ثقيل على المعدة إذا أكثر من أكله وتصنع من المشمش عدة مأكولات تقليدية هامة في حياتنا من أهمها مربى المشمش والقمر الدين وهناك منقوع المشمش .
والقمر الدين من الصناعات الغذائية الريفية . التي تعتمد على هذه الفاكهة .
المرجع محمد ثابت
أنواع القمر الدين وكيفية صناعته : القمر الدين حرفة غذائية موسمية تنتهي بانتهاء المشمش هما :
1ـ الكلابي
2ـ البلدي
أما أكثر صناعته فهي من المشمش الكلابي الذي يعطي إنتاجاً غزيراً وتكثر زراعته مقارنة مع غيره من أصناف المشمش .
تبدأ صناعته بعملية قطاف المشمش وجمعه في أرض البستان وينقى الحب واحدة واحدة . ثم يوضع المشمش المنقى في خلقين كبير وتبدأ عملية المعك . والذي يعمل في المعك يدعى المعّاك . وتجري هذه العملية بوجود أكثر من معّاك وهكذا إلى أن تنتهي فيبدأ حينئذ ينقل المشمش المعصور إلى خلقين آخر ، توضع فوقه مصفاة كبيرة تغطي سطح الخلقين تماماً .
وتبدأ عملية التصفية وفرز بذور المشمش عن العصور . ثم ينقل العصير المصفى إلى مكان فيه دفوف خشبية منظفة سطحها مدهون بزيت بلدي وهي المرحلة الثالثة من صناعة القمر الدين . حيث يصب العصير فوق هذه الدفوف . ويبقى عليها حوالي سبعة أيام .
وحين يتم تنشيفه يلف ويقطع قطعاً مربعة أو مستطيلة ثم يوضع في إناء كبير .
أما النوع الثاني المصنوع من المشمش البلدي ، فيمر في المراحل نفسها ولكن يضاف إلى المعصور بعد تصفيته وفي الخلقين الثاني اللوز ، إما على شكل قلب كامل أو نصف قلب .
وهناك نوع من القمر الدين يصنع من الخوخ الزليط والخوخ الأيسري ويمر بالمراحل ذاتها التي يمر فيها قمر الدين المشمش أثناء التصنيع .
تحتاج عملية تصنيع القمر الدين من سبعة إلى تسعة عمال . إن كانت الصناعة بيتية فيكفي عاملان . وننوه إلى أن الخلقين الذي يستعمل في مرحلتي الصناعة يسمى ( تيغاراً )
يؤكل القمر الدين أيام الشتاء ، ويستمر موسم أكله حتى الربيع المتأخر إذ يجده الحصادون طيباً في يومهم القاسي ويؤكل أيضاً في موسم شهر رمضان المبارك وخاصة في السحور . إذ يستطيبه الصائمون لبرودته وسهولته على المعدة .
تأكل القمر الدين جميع الطبقات بلا استثناء ويعتبر من الأكلات الشعبية اللذيذة . وسورية بلد مصدر للقمر الدين .وتعود صناعته على أجيال بعيدة . فهو صناعة سورية تقليدية .
التزيينات على القمر الدين وولادتها الأسطورية : تتزين رقائق القمر الدين ومدّاته بعدة تشكيلات هندسية ، ومجسمات من الكواكب والنجوم ومن التشكيلات الهندسية المرسومة بقلوب اللوز نجد المستطيل والمعين والمثلث وأحياناً الدائرة الناقصة وهناك الخطوط بكل أشكالها وخاصة المستقيمة المنقطة والمتقاطعة والمتعامدة ، وهذا كله في القمر الدين الملّوز المصنوع من البلدي أما في القمر الدين المصنوع من المشمش الكلابي فترسم هذه الأشكال بالتقطيع بواسطة السكين . وترسم أيضاً مجسمات الكواكب والنجوم وإشارات للشمس .
ومن تحليلنا لهذه الدلالات نستنتج أولاً قدم هذه الصناعة الغذائية ، ثانياً تأثرها بالأساطير ، والعبادات القديمة ، وخاصة عبادات آلهة الخصب ونستدل على ذلك من المثلثات والمعينات ، أما الدائرة الناقصة فتعبر عن آمال وتفكير الشعب وسعة أحلامه ومداها البعيد أما دلالات اسم هذه الصناعة الغذائية ومن أين أتى وإلى ماذا يرم ؟ فيمكن القول إن للقمر الدين علاقة رئيسية في التسمية . القمر الذي حير الإنسان القديم فعبده وقدسه ورمز له بعدة رموز وخلد هذه العبادة على كل الموجودات التي شاركته زمنه وصراعاته ولجمالية القمر أثر في هذه العلاقة، لذلك قرنه الإنسان بأكلة من أكلاته الشهية تخليداً لاسمه وإكراماً لهذه الأكلة.
الموروث الشعبي الأدبي الذي رافق صناعة القمر الدين : دخل القمر الدين في صميم حياتنا وأعماقنا فتمثلناه لغة حية دافئة انعكست في وجوده التراث الأدبي . فقد حمل في أدبنا الشعبي . وتجلى في عدة فنون تراثية . واخترق القمر الدين اليومي وذهب في البعيد حيث كُرس .
فقد لاحظناه في نداءات الباعة الشعبية .إذ ينادى إليه بعدة نداءات منها :
1- رطب يا قمر الدين .
2- رطب وبارد يا قمر .
3- خود قمر الدين وادعي لي يا حزين .
4- بلبل قلبك بالقمر .
كلها نداءات لجلب المشتري ملأى بالرقة والعاطفة وتشتمل على مزايا القمر الدين وصفاته وعلى ما يمكن أن يقدمه للمشتري .
وجاء في الكنايات الشعبية:
أحلى سحور سحور القمر الدين
والسحور هو وجبة السحر في رمضان إذ أن لها أهميتها ، لهذا يؤكل القمر الدين فيها ، فيحافظ الصائم على قوته وعلى نسبة من الرطوبة والبرودة تقيه من العطش .
وسمعناه في المثل الشعبي إذ ردده الشعب طويلاً وغار في وجدانه وسن أبعاده . فهناك أمثال شعبية عديدة عن القمر الدين منها :
1- الشت بدو تين والربيع بدو قمر الدين
مثل يعين موسم أكل هذا الغذاء للرطوبة التي يحملها مزيجه والفائدة التي يجنيها الإنسان من أكله .
2- حزين يللي ما بياكل قمر الدين
وهذه كناية ذهبت مذهب المثل . فمن تردادها تمثلها الإنسان وقارن بها الشهي من الأكل مع غيره . ويضرب هذا المثل في عدة مناسبات .
(الكعك الزبداني الشهير) منذ مئات السنين وفي موسم خمسين الأموات أحد خمسان نيسان المشهورة كان يوزع الكعك الزبداني الرائع ، وكذلك في أيام عيدي الفطر والأضحى ، للزائرين والمهنئين بالعيد .
نكهته زبدانية شهية يصنع بأياد ماهرة أقراص يختلط مع نكهتها جلال الماضي وزهوته ، ويعطيها لذة حلوة . وهي من أطيب الحلويات ، وهي صناعة زبدانية خالصة ، وتصنع في جميع الفصول وهي طيبة صيفاً وشتاءً . ما أجمل تلك الأيادي الخالقة التي تعجن الكعك وتقرصه ، وتطبعه ، وتنقشه ، ثم تقدمه للفرن ليشوى. أقراص الكعك رسالة من رسائل الماضي إلى الحاضر ، نستقبلها بفرح ، واستبشار ،ونشوة نستقبلها وذاكرتنا تصور الأيام الماضية ،حتى نستحضر لوحة خلابة من عيون اللوحات الزبدانية لخالدة .
المصدر :
موقع سوريات 2015
المصدر :
موقع سوريات 2015
باحث زبداني
تعليقات
إرسال تعليق