عيد الأضحى :
ومناسبته أن سيدنا إبراهيم رأى في نومه أن الله تعالى يأمره بذبح ابنه إسماعيل عليه السلام فداءً للبيت الحرام ، ولما همَ بذبحه تنفيذاً لأمر ربه أتى سيدنا جبريل عليه السلام بكبش وافتداه به ، وبذا أصبحت
الأضحية منذ ذلك الحين سنة على المسلمين في أيام الحج ، ويحتفل بمناسبتها في كل عام تخليداً لهذه الذكرى الكريمة وذلك في العاشر من ذي الحجة ومدته أربعة أيام تبدأ بعد الوقوف على جبل عرفات في مكة المكرمة وكانت مظاهر الاحتفال بهذا العيد ثرية ومتنوعة وخاصة في الأيام الغابرة حيث كانت تمارس الاحتفالات في هذه المناسبة على الشكل التالي
يستعد الأهالي قبل العيد ببضعة أيام من خلال شراء الملابس الجديدة لأبنائهم وإحضار المواد اللازمة لصنع أنواع المأكولات الجيدة والدسمة التي غالباً ما ترافق المظاهر الاحتفالية للأسرة والمجتمع ( الكبة على الجرن بأنواعها وأشكالها المختلفة – الهريسة – الرز باللحم وغيرها ) كما يتم التحضير لتصنيع الحلوى الخاصة بمناسبة العيد ( فلم يكن هناك محلات خاصة لبيع الحلوى ) وهي عديدة ( الكعك – الزلابية ) .
وفي صباح العيد بعد صلاة الصبح يذهب أغلب أبناء البلدة رجالاً ونساءً وأطفالاً إلى مقبرة البلدة لزيارة موتاهم وقراءة بعض السور من القرآن الكريم وبعض الأدعية وتكون النسوة قد حملت معها بعض لحلويات حيث تقوم بتوزيعها على الحضور والأهل والأقارب الموجودين بجانب القبور الأخرى
ويجتمع الرجال في المقبرة ويقرؤون ما يسمى بالتهليلة ( وهي قراءة بعض السور القرآنية – سورة ياسين – ويلو ذلك التوحيد مائة مرة ثم يتلو أكبرهم سناً وأكثرهم وجاهة بعض الأدعية التي تذكر في هذه المناسبة )
ثم يقوم الجميع بمغادرة المقبرة ويتجه الرجال إلى الجامع مصطحبين معهم أطفالهم
وغالباً ما كانت الشخصيات الرسمية في البلدة تشارك في صلاة العيد مثل مدير المنطقة أو القائم مقام سابقاً ورئيس البلدية وغيرها من الشخصيات الرسمية وكان الدرك – الشرطة – يقف أمام الباب الجامع ويقدمون السلاح للداخلين إلى الجامع المزين والمنار بكثير من الأضواء لهذه المناسبة ويقوم أمام المسجد بقراءة خطبة العيد والكثير من الأدعية لنصر الأمة وإصلاح حالها ثم تتم الصلاة ويخرج الجميع من المسجد وغالباً ما كان يتم ذلك في جامع الجسر الكبير في حي الجسر وبعد خروجهم من الجامع يتداول الناس بعض العبارات : كل عام وأنتم بخير – كل سنة وأنت سالم – تنعادو لأمثالها – عيد رخري ( آخر ) منشوف بحرم الله الشريف ( الحج ).
عيد رخري منشوفك عريس ( إذا كان عازباً ) وعبارات أخرى مختلفة ومتنوعة حسب وضع الأشخاص
وبعدها يزور الناس بعضهم البعض ويتبادلون التهنئة في هذه المناسبة كما وردت سابقاً ويتناولون القهوة المرة وبعض الحلوى ( الملضمينا ) أو الكعك والزلابية وفي حال كان هناك أحد متوفي في نفس العام ( أول عيدو) ويقدمون التعازي مجدداً ( تجديد العزاء ) ويتناولون القهوة المرة ويقرؤون القرآن والأدعية
وفي مرحلة سابقة كان الزوار و المهنين ملزمين بتناول الطعام في كل بيت يزورونه بغية التهنئة فيصنعون الأكل في قدر كبير في وسط الغرفة محاطة بالملاعق الخشبية وعلى كل من يزورهم التناول ولو القليل من الطعام المعد لهذه المناسبة والذي يختلف من أسرة لأخرى حسب الإمكانات الاقتصادية لهذه الأسرة ولا يجوز الاعتذار عن الأكل لأن ذلك يعتبر إهانة لأصحاب البيت
وقد فاتني أن أذكر أن أحد الضيافات الأساسية بهذه المناسبة هو التين اليابس والجوز والزبيب ولم تعرف السكاكر إلا من فترة وجيزة
وبعد أن ينتهي هؤلاء منة معايدة بعضهم يجتمعون في أحد الساحات ( كل عائلة في الحي المقيمة به ويبدءون الألعاب المختلفة كالسيف والترس أو الدبكة أو اللعب بالطابة أو القفز ( الأمزة )
وفي اليوم التالي يجتمع كبار العائلة وينتخبون بعضهم بعضاً منهم لمعايدة باقي العائلات في البلدة ممثلة بكبارها وزعمائها وعلى الطرف الثاني أن يرد هذه الزيارات وغالباً ما كان الأخوة النصارى يشاركون في التهنئة لأخوتهم المسلمين بهذه المناسبة من خلال قيام بعضهم من كبار السن وذوي الجاهة بمرافقة خوري البلدة وزيارة كبار الأشخاص من العشائر الإسلامية
عيد الفطر :
ويحتفل به المسلمون بعد إتمام صيام شهر رمضان المبارك للتهنئة بأداء هذه الفريضة التي أمرنا بها الله تعالى والتي يتساوى في أدائها الغني والفقير . ويشعر كل منهما بشعور الآخرين وسمي بهذا الاسم لإنهاء الصوم وتقدم الزكاة الواجبة شرعاً في هذه المناسبة ، ومدة هذا العيد ثلاثة أيام ويحتفل به على نحو ما جاء في عيد الأضحى مع بعض الاختلافات والتفنن في إعداد المأكولات ثم توزيع الزكاة
خميس الأموات :
يحتفل فيه قبل عيد الفصح بعشرة أيام ، وقد أقيم ليذكر الأحياء أمواتهم من الآباء والأجداد ، حيث تذهب النساء في الأيام التي تسبق العيد فتصلح نواحي القبور وكانت فيما مضى تبنى من التراب والتبن الخشن (الأصل) وتطين ثم تطرش بمادة حوارية بيضاء زاهية اللون ويعدون في ليلة العيد المأكولات والحلويات لهذه المناسبة وفي يوم العيد يذهب الجميع إلى المقبرة فيقرؤون ويهللون ويقرؤون الأدعية ثم يتناولون الأطعمة والحلويات ويتبادلون توزيعها فيما بينهم ويكون موعد هذا العيد في فصل الربيع فصل الحياة والتجدد في شهر نيسان
خميس المشايخ :
ويعود أصل هذا العيد إلى أيام صلاح الدين الأيوبي حين تم الصلح بين العرب والصليبيين واشترط هؤلاء أن يزورو بيت المقدس ويقيموا الاحتفالات هناك وقد شك صلاح الدين الأيوبي في أمرهم فأقام هذه الاحتفالات ودعاها بهذا الاسم وبذلك استطاع أن يجمع عدداً كبيراً من المسلمين لمقابلة تجمعات الصليبيين ومجابهتهم فيما لو أراد الشر للمسلمين وكانت هذه الأعياد بداية تقام في القدس أساساً ثم انتشرت فيما بعد إلى باقي قرى ومدن بلاد الشام وهذه التجمعات منظمة تنظيماً عسكرياً فالشيخ يقابل رتبة أمير والنقيب مثل مدير وهناك الشاويش والمساعد فمنهم من يختص بالسلاح والإشراف عليه والبعض للطبول والمزامير وآخرون للإعلام وتنظيم الأفراد
ويأتي موعد هذا العيد قبل عيد الفصح الشرقي بأربعة أيام بحيث يكون آخر يوم فيه أول أيام عيد الفصح ، وقد انتقلت هذه العادة إلى مختلف المجتمعات الإسلامية وسوف نأتي على ذكر هذه الظاهرة في الزبداني وكيف كان الأهالي يحتفلون بها في الأيام الخوالي وما آلت في هذه الأيام .
كانت تبدأ الاجتماعات قبل الخميس بعشرين يوماً ويجري اتباع كل طريقة بعض التمرينات على استعمال الآلات الصوتية الطبل والزمر والصنجات بالإضافة إلى بعض ألعاب الفروسية كالسيف والترس وغيرها ، وتتم في أثنائها كذلك الاتصالات مع الفئات الأخرى من أتباع الطرق الرسومية و الرفاعية لتسوية الترتيبات اللازمة من حيث اعلان العيد من سيبدؤه والأماكن التي يذهبون إليها بالإضافة إلى أمور تنظيمية أخرى ، وقد جرت العادة أن بدأ أتباع الطريقة الدسوقية هذا الخميس ومن ثم الآخرون في اليومين الثاني والثالث بالتناوب وأول يوم من أيام هذه الاحتفالات تجري في خان الفندق ( فسحة من الأرض فيها نبع ماء تقع جنوب غرب الزبداني ) (وكان بناء الفرن الآلي حالياً ) حيث كان يقوم فيها السوق العام أما اليومان الثاني والثالث ففي مكان آخر هو ( النبي عبدان ) شمال الزبداني ويحوي المكان أيضاً عدة ينابيع للمياه وهذه الاحتفالات تدعى حسب عرف أهالي البلدة بـ ( النوبة ) وهي تجري على الشكل التالي
يجتمع الأفراد الذين سيشتركون بالاحتفال في صباح اليوم في بيت الشيخ ( شيخ النوبة ) ويبدؤون في دق الطبول والمزاهر لمدة ساعة من الزمن بينما يستعد الباقون من حملة الرايات والأسلحة والدبابيس ويجهزون هذه استعداداً للمسير . ويكون في هذه الأثناء قد تجمع عدد كبير من الأهالي الموجودين بالقرب من المكان ويسير الجميع في هذه النوبة الذي يتقدمها حامل السنجق (الراية ) والمساعدون ويتبعهم حملة الأدوات الصوتية ويتقدم الجميع عدد كبير من المشايخ الذين يتلون الأناشيد الدينية على أصوات المزاهر والصنوج التي تملأ أرجاء المكان ، ويسير الجميع حول البلدة متجهين نحو خان الفندق في اليوم الأول أو النبي عبدان في اليومين الثاني والثالث وأثناء سير هذا الموكب ينضم إليه أعداداً كبيرة من الأهالي بين صغير وكبير حتى يبلغ عدد أفراده أضعاف ما كان عليه في بداية الاحتفال ويتجه الجميع نحو مكان التجمع على الشكل الذي ذكر ، وقد جرت العادة أن يتوقف الموكب في الساحات الكبيرة لإحراز لاجراء بعض التقاليد التي ترافق هذه الظاهرة كالدعسة وضرب الدبوس والسيف والترس وغيرها ، أما الدعسة فهي تكون بأن يتمدد عدد من الأفراد على الأرض متلاحقين إلى جانب بعضهم البعض باتجاهين مختلفين ، ويقف المتفرجون في صفين متوازيين يفصل بينهما الفراغ الذي يملأه المتمددون على الأرض ، ثم يؤتى لفرس يمتطيها أحد الأفراد ويقف شيخ النوبة أمام الفرس يمتطيها أحد الأفراد ويقف شيخ النوبة أمام الفرس أو يمسك بها ويقرأ بعض الجمل وهي غير معروفة لدينا ، بينما يكون ضاربو الطبل و الصنوج يملؤون الأفق بالأصوات ويقود بعد ذلك ممتطي الفرس هذه وتقفز مضطربة من كثر الضجيج وتطأ على المتمددين وهي مسرعة وحين تقطع المسافة التي تتجاوز أحياناً العشرة أمتار ترتفع الزغاريد من النساء والرجال ويتقدم الجميع مستوضحين هؤلاء فيما إذا شعروا بالألم . وقد يكشفون ملابسهم ليروا بام أعينهم إن كان هناك أثر ما . أما ضرب الدبوس ( وهو قضيب رفيع من الحديد يبلغ قطره في أغلظه سنتمتراً وهو مدبب أملس في رأس الآخر كالدبوس حيث يقوم أحدهم بغرسة في أحد أنحاء الجسم أو في بطنه أو خده بحيث يخرج من الطرف الآخر . وتجري هذه بمرافقة الذكر المتواصل ويسيرون مسافات طويلة والدبابيس مغروسة في أجسامهم وحينما يريدون انتزاعها فيجب أن يكون ذلك بيد الشيخ الذي يضغط على مكان الوخز ويسحبها والبعض يقوم بانتزاعها بنفسه
كما أن هناك بعض الألعاب الأخرى كالسيف والترس والرقصات الشعبية وغيرها . ويكون في صباح هذا اليوم قد سبق الجميع إلى مكان التجمع عدد كبير من الباعة الذين يحضرون من جميع القرى المحيطة لبيع أنواع المأكولات المختلفة التي قد تضم أنواعاً لا تتوفر في البلدة وتستجلب خصيصاً لهذه المناسبة وحين تصل النوبة إلى هذا المكان يتفرق الجميع إلى عدد كبير من التجمعات ويذهب كل منهم إلى المكان الذي يقيم فيه أفراد عشيرته ، ويجتمع هؤلاء نساءً ورجالاً وأطفالاً وتوضع أنواع الأطعمة التي التي تحضرها النسوة عادة منذ الصباح ويتفننون في في تجهزها ويأكل الجميع وهم يتبادلون أنواع القصص والحكايات المضحكة ، ويقدم الرجال أنواع الحلويات التي يشترونها من البائعين ويوزعونها على الجميع وتقام بعد الأكل الرقصات الشعبية ويدعى للرقص الشاب والرجال والنساء المتقدمات في السن على أصوات العودأو الدربكة وغيرها كما تجري المناظرات الغنائية الشعبية ويتباهى الشباب في تقديم أنواع الهدايا من المأكولات لأقاربهم أو خطيباتهم ، وتجري بعد ذلك المباريات الرياضية كالقفز ورفع الأثقال وقذف الرمح وغيرها . وعند أذان العصر أو بعده يدق الطبل إعلاناً بالاستعداد للمسير ويعود الجميع بمثل ما أتوا به من مظاهر الاحتفال وتتكرر هذه الظاهرة ثلاثة أيام متواليات على النحو الذي ذكر في اليوم الأول .
والجدير ذكره أن هذا العيد لم يعد موجوداً منذ أوائل الستينات ولم يعد يحتفل به
وآخر مرة احتفل به كانت عام 1961
وآخر مرة احتفل به كانت عام 1961
عيد مولد الرسول :
ويقتصر الاحتفال به على تلاوة المولد في جامع البلدة ( جامع الجسر ) وتوزيع السكاكر والحلويات على نفقة الأوقاف ، وقد يأتي كبار الموظفون في البلدة لحضور هذا المولد وحينئذٍ ترافقهم مجموعة من رجال الشرطة (الدرك ) وهم يلبسون ألبستهم التقليدية والبنود الحريرية مدلاة على أكتافهم ويرتدون القفافيز البيضاء في أيدهم ويحملون أسلحتهم يقضون أمام الجامع في انتظار من حضر المولد ليقدموا لهم التحية
ويتم الاحتفال بهذا العيد من كل عام
باحث زبداني
تعليقات
إرسال تعليق